التفاسير

< >
عرض

وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ
٢١
-الذاريات

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَفِي أَنفُسِكُمْ } عطف على الارض أو خبر مبتدأ محذوف أي وفي أنفسكم آيات فالمعطوف جملة على أخرى والانفس الصور أي بدأ في خلق أبيكم من تراب ثم أنتم من نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظام الى نفخ الروح ثم الخروج ثم اختلاف تركيبكم الى الممات باطناً وظاهراً فانظر الى القلب وما يركز فيه من الفهم وما يخطر فيه واستنباط الصنائع والى اللسان والنطق ومخارج الحروف وتركيبها وترتيبها وما سوى في الاعضاء من المفاصل للانعطاف وعن بعضهم كانوا قليلاً من الليل الخ أي لا يغفلون ولا ينامون عن الذكر وفي أموالهم الخ.
عن الحسن البصري أدركت ناساً كان الرجل منهم يعزم على أهله أن لا يردوا سائلاً وأدركت أقواماً أي الرجل ليخلفن أخاه في أهله أربعين عاماً وان من قبلكم يأخذ من الدنيا قوتاً وثوباً خلقاً ويبتاعون الآخرة بالفضل ويجتهدون في العبادة ويبكون على خطباهم حتى يموتوا { وَفِي أَنفُسِكُمْ } أي في صورها وتقديرها بأحسن التقدير أنظر الى عروقها السائرة فيها كالانهار وشقوقها من غير ألم وصل اليكم وكذا شق الاذن والبصر.
وقال مجاهد: أراد بأنفسكم خروج الطعام والشراب من موضعين ومدخلهما من موضع.
وقال ابن عباس: اختلاف الألسنة والصور والألوان والطبائع.
وقال ابن زيد: العقل مضغة لا يعرف أحد ما العقل الذي هو فيه وفيك الروح وما تدري ما هى الى غير ذلك.
قال أبو عمر الدانى: معرفة العبد نفسه من أولى ما عليه اذ لا يعرف ربه الا من عرف نفسه ولا ينكر عاقل وجود الروح من نفسه وان لم يدرك حقيقته كذلك لا ينكر وجود الله عز وجل الذي دلت عليه أفعاله وان لم يدرك حقيقته* { أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } ذلك وتعتبرون وتستدلون به على الخالق.
قال بعضهم الخطاب للمشركين قيل خلق في نفس ابن آدم ألفاً وثمانين عبرة ثلاثمائة وستون ظاهرة وثلاثمائة وستون باطنة لو كشفت لابصرتم وثلاثمائة وستون غامضة لا يعرفها الا نبي أو صديق لو بدت منها عبرة لذوي العقول لوصلوا الى الاخلاص والشهاوي تجبّ قلوب العارفين