التفاسير

< >
عرض

فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ
٢٣
-الذاريات

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَوَرَبِّ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ } أي ما توعدون أو ما ذكر من الايات والرزق وما توعدون وقيل القرآن { لَحَقٌّ } وقيل ما توعدون مبتدأ فورب السماء والارض انه لحق خبر والهاء عائدة لما والفاء زائدة لشبه الموصول باسم الشرط* { مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ } ما زائدة ومثل حال من المستتر في حق أي مثل نطقكم أو مفعول مطلق أي حقاً مثل نطقكم فحذف الموصوف ويجوز كون فتحه بناء لابهامه مع اضافته لمبني وهو ما ان جعلت نكرة موصوفة أو معرفة موصولة وكسرت الهمزة أو مع اضافته لما لم يظهر اعرابه ولم يكن معرباً وهو انكم تنطقون بفتح الهمزة والمعرب هو المصدر لا مجموع ان وما بعدها المضاف اليه مثل في الصورة ومحل مثل حينئذ بالرفع على انه صفة حق كما يدل له قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر بالرفع والمراد كما انه لا شك لكم في ما تنطقون لا شك في تحقق ذلك وقيل تنطقون بلا اله الا الله وعن بعض الحكماء كما انه لا يتكلم غيرك بلسانك كذلك لا يؤكل رزقك.
قال الاصمعي: أقبلت من جامع البصرة فطلع أعرابي على قعود فقال من الرجل فقلت من بني أصمع قال من أين أقبلت قلت من موضع يتلى فيه كلام الله قال أو لله كلام يتلى قلت نعم قال اتلو علي فتلوت والذاريات الى وفي السماء رزقكم قال حسبك فنحر ناقته وقسمها على مزاقيل وأدبر وكسر سيفه وولى فلما حججت مع الرشيد طفقت أطوف فاذا أنا بمن يهتف بي بصوت دقيق فالتفت فاذا أنا بالاعرابي قد نحل واصفر فسلم علي واستقرأنى السورة فقرأتها الى الآية فصاح وقال قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً ثم قال وهل غير ذلك فقرأ فورب السماء والارض انه لحق فصاح وقال يا سبحان الله من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف لم يصدقوه لقوله حتى ألجأه الى اليمين قاله ثلاثاً فخرجت نفسه.
قال صلى الله عليه وسلم:
"قاتل الله أقواماً أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدقوه"
وقال صلى الله عليه وسلم: "لو فر أحدكم من رزقه لتبعه كما يتبعه الموت" .
قال المحاسبي: وقع الاضطراب في القلوب مع انه جاء بالضمان من الله لوجهين فانه المعرفة بحسن الظن وأن يعارض النفس خوف الموت فتستجيب واذا جعلت ما موصوفة أو موصولة فالرابط محذوف شذوذاً أي تنطقون به أو قياساً أي مثل نطق تنطقونه أو النطق الذي تنطقونه