التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَٰهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ
٤٧
-الذاريات

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَالسَّمَآءَ } بالنصب على الاشتغال* { بَنَيْنَاهَا بِأَيْيْدٍ } أي بقوة فهو مفرد والهمزة أصل وعلامة جره كسرة الدال يقال أيدته بأيد، أي بقوة وقدرة؛ وأيد جمع (يد) فالهمزة زائدة وتقدر الياء بعد الدال حذفت لالتقاء الساكنين يقدر عليها الجر والمراد الفوات وفي نسخنا معشر المغاربة (بأيد) بهمزة فياء مفتوحتين فياء ساكنة وفي بعضها تكتب الثانية حمراء وهي الزائدة وقيل أصل والاولى صورة للهمزة من حيث كانت مفتوحة مكسور أما ما قبلها اتفقت المصاحف على كتب باييد بيائين وعلله أبو عمرو الداني وغيره بأن الياء الثانية هي الزائدة زادوها للفرق بينه وبين ايد الذي هو جمع يد أحد الأعضاء ولولا الياء المزيدة لتوهم انه جمع يد وانه فعل بحذف آخره ولذا لم تزد في { { دواد ذا الايد } اذ لو كانت كلمة الايد فيه جمع يد لقيل (ذي الايدي) بياء بعد التنوين اذ لم يلتق ساكنان فتحذف وذلك هو المختار واختاره الخراز اذ قال*

وآخر الياء يبن من بأييد للفرق بينه وبين الأيدي

وفيه وجه آخر أن تكون الياء الاخيرة هي الاصل وهي عين الكلمة والاولى فالألف معاً صورتان للهمزة اذا قرئ بالتحقيق والتسهيل فالالف للتحقيق والياء للتسهيل فعلى الوجه الاول تجعل النقطة الصفراء مع الحركة على الالف وتجعل الدائرة على الياء الثانية دلالة على زيادتها ويجعل على الاولى حمرة علامة للسكون ليظهر الزائد من غيره هكذا (باييد) واما على الوجه الثاني فعلى الالف نقطة صفراء مع حركتها وعلى الياء الاولى نقطة حمراء واختار بعض انه ان قرئ بالتحقيق جعلت الصفراء على الالف وتترك الياء عارية وان قرئ بالتسهيل جعلت الحمراء على الياء وتركت الالف عارية ويحتمل أن يوجه بأن الياء الاولي صورة للهمزة على مراد الوصل والألف زائدة تقوية للهمزة فتجعل الدائرة على الالف والهمزة حمراء على الياء الاولى وان يكونا معاً صورتين للهمزة على مراد الانفصال والاتصال فتجعل الصفراء على الالف مع حركتها وتعرى الياء وعلى الوجه الاول خصت الياء الاولى بالجرة وهي السكون اذ لو جعل على الاولى السكون دارة وعلى الاخرى دارة لم يدر أيهما الزائدة وان قلت لم زيدت في أيد بمعنى قوة مع انها لو زيد في أيد جمع يد لحصل الفرق.
قلت الذي هو جمع يد لم يقع فى القرآن الا بالياء بعد الدال بخلاف هذا الذي بمعنى القوة فلولا الياء المزيدة لتوهم انه جمع يد وأيضاً الذي بمعنى القوة مفرد خفيف سالم من الاعتلال فخصت الزيادة به وجزم السيوطي بأنه ان قرئ كما كتب فهو لحن كما كتب ولا أوضعوا بلام ألف فهمزة وانما يقرأ بلام فهمز وفي الآية التورية المرشحة وهي ذكر لفظ له معنيان قريب وبعيد ومعان كذلك مع ارادة البعيد بقرينة خفية مع ذكر ما يلائم القريب والمعنى البعيد هنا القوي وهى المراد والبعيد أيدي الجوارح تعالى الله عنها والبناء يلائمها أو ذلك تمثيل وتصوير لعظمة الله سبحانه وتوقيف على كنه جلاله من غير أن يتصمد للمفردات حقيقة ومجاز { وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } ذوو سعة وقدرة على الانفاق وأوسعنا السماء حتى ان الارض فيها كالحلقة في الفلاة.
وقال ابن عباس قادرون على بنائها وعنه لموسعون الرزق بالمطر وكذا عن الحسن وقيل جعلنا بينها وبين الارض سعة