التفاسير

< >
عرض

وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ
٥٦
-الذاريات

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونَ } عام أريد به الخصوص أي ما خلقت بعضهم الا للعبادة بدليل ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً ومن خلق لجهنم لا يكون للعبادة ويدل له قراءة ابن عباس ما خلقت الجن والانس من المؤمنين الا ليعبدون وقال عليّ الا لأمرهم بالعبادة وقيل ليكونوا عبادي وقيل الا ليعرفوني وقيل الا ليخضعوا لي وقيل الا ليوحدوني وهذه الثلاثة تحتاج الى التأويل المذكور أيضاً فان منهم من لم يعرفه ومن لم يخضع ومن لم يوحده والمراد خضوع الذوات فان كل ذات خاضعة لا تخرج عما أريد بها أو بعضهم يعرفه ويخضع ويوحد حيث ينفعه وهم المؤمنون وبعضهم في الشدة فقط أو عند الموت أو المراد ما خلقتهم الا كما يعبدونني بأن جعلت لهم العقول وأوضحت لهم الشرائع فمنهم من عبد ومنهم من عصى وهذا كما تبري أقلاماً كلها تصلح للكتابة وتكتب ببعض دون بعض وقد لا تكتب بواحد لكن الله عالم بأهل العبادة وأهل المعصية لم يزل وذلك ان الغاية وهى هنا ما يفعل الشيء لأجله لا يلزم وجودها وهذا كما روي عن الحسن ان المعنى بينت لهم سبل العبادة كقوله { { إِنَّا هَدَيناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً } ولو أراد العبادة منهم على سبيل القهر والالجاء لوجدت من جميع الناس والجن وقالت الروافض المعنى ما خلقتهم الا قاصداً أن يعبدوني جميعاً وعبده بعضهم دون بعض كما تقاتل الناس فبعضهم يذعن ويطيع وبعض لا وهذا منهم كفر قبحهم الله و (اللام) لام المآل أو لام التعليل الحقيقي ان أجزنا تعليل أفعال الله بالأغراض أما الغرض فلا يوصف به الله حقيقة نعم يوصف بأنه فعل كذا الحكمة كذا عند كثير.
وذكر صاحب المواهب ان أفعاله لا تعلل بالأغراض وان ما أوهم ذلك فتعليل لحكم ومنافع هى غايات وان معنى { مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونَ } أي قرنتهم بالعبادة وحذفت الياء من يعبدوني ويطعموني ويستعجلوني ويوقف باسكان النون