التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ ٱمْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ
٢١
-الطور

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ الَّذِينَ آمَنُوا } عطف على حواري قرناهم بحور عين وبالذين آمنوا فتارة يتمتعون بملاعبة الحور وتارة بمأنسة الاخوان فالمراد بالتزويج مجرد القرن وجملة ألحقنا مستأنفة، والذين مبتدأ وألحقنا خبر، وما بينهما اعتراضي ويجوز جعل اتبعتهم ذريتهم معطوفا، فالواو عاطفة أو حالا فالواو حالية وعلى كل فجملة اتبعتهم ذريتهم لبيان الواقع لان المراد بالذرية من لم يبلغ ومن لم يبلغ مؤمن على كل حال كلا مولود يولد على الفطرة ولا سيما اولاد المؤمنين ولكن اصحابنا لا يؤلون إلا ولد المؤمن ويقفون فى ولد غيرهم وبسط المسألة فى الفقه ولك ان تقول العطف والحال للتقييد لا لبيان الواقع أي شرط الحاق الذرية بهم ايمانها بان تموت غير بالغة فلا يصدق عليها اسم الكفر أو يموت من يموت وهو بالغ مؤمن وللحق بأبيه إيناسا لا ستحقاقا لضعف علمه عن درجة أبيه هذا ما يلحق من التقرير بمذهب الاصحاب فشد عليه يديك وقد تقرر عندنا كغيرنا أن الوليد بحكم باسلامه تبعا لاحد ابويه وممن قال المراد بالذرية من لم يبلغ ابن عباس يجمع له ذريته فى الجنة كما يجب جمعها في الدنيا ويلحقهم بدرجته من غير ان ينقص من درجته وفي الحديث "إِن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته وإِن كانوا دونه لتقر بها عينه" ثم قرأ { الَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُم ذُرِّيَّتُهُم بِإيَمانِ أَلحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّاتُهُمْ }. وكذلك الآباء ترفع إلى الأبناء إذا كانوا ابنائهم وفي الحديث "ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحلم إلا أدخله الله الجنة برحمته" فافهم وقال صلى الله عليه وسلم: "لان أقدم سقطا خير من أَن أخلف مائة فارس كلهم يجاهدون فى سبيل الله" . واستدل بعضهم على ان اولاد المشركين فى النار بان خديجة رضي الله عنها "سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ولديها ماتا في الجاهلية فقال في النار فرأى الكارهية في وجهها فقال لو رايت مكانهما لابغضتهما قالت: يا رسول الله فولدي منك قال: فى الجنة ان المشركين واولادهم فى النار والمؤمنين وأولادهم فى الجنة" وقرأ الآية والله أعلم بصحة هذا الحديث. عنه صلى الله عليه وسلم الحديث الصحيح قوله "الله أعلم باولاد المنافقين والمشركين كيف يعملون" لو عملوا والظاهر انهم للجنة اقرب منهم إلى النار لانه تعالى يمن بالرحمة ولا يظلم بالعذاب ولولادتهم على الفطرة والقول باختيارهم باقتحام نار توضع لهم يوم القيامة ضعف وبايمان متعلق بالحقنا وقدم للحصر والاهتمام والتنكير للتعظيم والمراد ايمان الاباء او متعلق باتبعتهم فهو ايمان الذرية ويجوز ان يعلق بالحقنا ويكون المراد ايمان الذرية فالتقديم لما مر والتنكير للتوهين اي بإيمان ضعيف.
وقرأ ابن عامر ويعقوب واتبعتهم ذرياتهم بتشديد تاء اتبع وجمع الذرية والرفع مبالغة فى كثرتهم والتصريح بان الذرية تقع على الواحد والكثير وقرأ ابو عمرو واتبعناهم ذرياتهم بقطع الهمزة واسكان التاء ونصب الذريات بالكسر مجموعا وقرأ ذرياتهم بكسر الذال وضم التاء بعد اتبعتهم بتشديد التاء الاولى وقيل: بايمان حال من الضمير والذرية او منهما قيل وتنكير ايمان بانه يكفي للالحاق المتابعة فى اصل الايمان واعترض بجملة اتبعتهم للتعليل وعن بعضهم الحقنا بهم ذرياتهم فى المواراة والدفن في مقابر الاسلام وفي الجنة.
{ وَمَا أَلَتْنَاهُم } نقصانهم؛ { مَّن } ثواب؛ { عَمَلِهِم مِّن شَيءٍ } بهذا الالحاق لانه الحاق تفضل على الاباء والابناء وقيل: المعنى لم ينقص من ثواب عملهم شيئاً لا بالحاق ولا بغيره والمضارع يألت بالكسر أو من ألات يليت حذف الألف للساكن بعده وقرأ ابن كثير التنا بكسر اللام والمضارع بفتحها وروي عنه لتنا بكسر اللام من لات يليت والتنا بالمد والفتح والمضارع يولت بضم الياء وكسر اللام ولتنا بفتح اللام والمضارع يلت كوعد يعد والمعنى واحد.
{ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } كل واحد مرهون عند الله بعمله فان فك نفسه بالعمل الصالح وإلا اهلكها وقيل الكسب الشرك اي كل امرىء كافر مرهون فى النار بما كسب من الشرك.