التفاسير

< >
عرض

لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ
١٨
أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ
١٩
-النجم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى } من البيان أي والله لقد رأى محمد الآيات الكبرى وهي آيات ربه وعجائبه الملكية والملكوتية ليلة المعراج في مسيرة ورجوعه فالكبرى مفعول رأى أو من للتبعيض والكبرى نعت الآيات والمفعول محذوف أي شيئا منها أو من زائدة في الايجاب والمعرفة عند مجيز ذلك.
وعن ابن عباس وابن مسعود: رأى رفرفا اخضر من الجنة سد الافق، وعن ابن مسعود: رأى جبريل على صورته وله ستمائة جناح. وقال عياض: قصرت الاحلام عن تفصيل ما اوحى وتاهت الاحلام في تعيين تلك الآيات الكبرى، وزعم بعض أنه رأى ربه، وزعم عن الحسن انه رأى ربه ليلة الاسراء.
وزعم عن ابن عباس انه قال تعجبون ان تكون الرؤية لمحمد والخلة لابراهيم والكلام لموسى صلى الله عليه وسلم وزعم ان ابن عمر راجع ابن عباس وراسله فاثبت له الرؤية فان صح ذلك عن ابن عباس فليس الحق معه في هذه المسألة ولو كان خبر الامة واعلم من عائشة بل الحق معها في نفي الرؤية وما تقرر في الاصول من ان المثت مقدم على النافي محله ما اذا لم يمنع مانع من الاثبات وقد قام المانع هنا وهو ان المرئي لون ذو أجزاء وجهات فوق ومكان وتحت آخر وجسم والله منزه عن ذلك وغيره مما تستلزمه الرؤية كما قال
{ لا تدركه الأبصار } وقال { أو من وراء حجاب } أي لا يراه خلق وان قلنا معنى الحجاب لم يجاهرهم بالكلام ففي الدلائل المذكورة ما يغني وابن عباس قال ما قال غفلة منه عن تلك الدلائل اثباتا منه لا سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف عائشة فنفت الرؤية بالآيات والسماع منه صلى الله عليه وسلم سالته عن الآيات السابقة في هذه السورة قال لها هو جبريل.
قال عياض: وحديث عائشة قاطع بكل تأويل في اللفظ وذكر بعد تلك القدرة والصفات العلية الاصنام ذما لها لحقارتها وبعدها من تلك القدرة والصفات فقال { أَفَرَأَيْتُمُ } مفعوله الثاني محذوف أي قادرة على تلك القدرة والصفات فتعبدوها دون الله القادر وقدره بعضهم افرأيتموهن بنات الله أو ملائكته وقد يجعل المفعول الثاني جملة الكم الذكر معلق عنه بالاستفهام وذلك أنهم ينسبون الاصنام المذكورة بنات الله وهو ضعيف.
{ اللاَّتَ } اسم صنم مشتق من اسم الله وكان بالطائف وقيل ببطن نخلة تعبده قريش وقرىء اللات بالتشديد واصله رجل يلت السويق للحاج فلما مات عبدوا قبره وقيل رجل يطعمهم الحيس ببطن نخلة عبدوه بعد موته وقيل صرمة بن غنم من ثقيف يضع السمن على صخرة فتلت العرب به اسوقتهم فحولها ثقيف بعبد موته إلى منازلهم وعلى التخفيف فهو علة من لوى لمعنى اعتكف وطاف كانوا يعتكفون ويطوفون على الصنم والتشديد قراءة يعقوب في رواية البزي وورش وابن عباس وعكرمة وغيرهم وقال الشيخ خالد ان المخفف اصله التشديد من لت السويق يلته وال فيه وفي العزي زائدة لازمة
{ وَالْعُزَّى } صنم مشتق من اسم العزيز الذي هو اسم الله وقيل تأنيث الاعز وهي شجرة لغطفان يعبدونها بعث اليها صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقطعها وجعل يضربها بالفاس ويقول

يا عزي كفرانك لاسبحانك إني رأيت الله قد اهانك

فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها داعية ويلها واضعة يدها على رأسها كذا قيل والحق ما ذكره الزمخشري والشيخ خالد انه قطعها فخرجت الشيطانة كذلك جعل يضربها وتقول البيت، وقيل "أنه قطعها فقال صلى الله عليه وسلم ما رأيتم شيئا فقال ما قطعت فعادوها ومعه المعول فاجتث أصلها فخرجت عريانه فقتلها فأخبر النبي حين رجع فقال تلك العزى ولن تعبد أبدا" وقيل صنم لغطفان وضعه سعد بن ظالم الغطفاني وقيل قدم مكة فرأى الصفا والمروة يطوف اهل مكة بينهما فرجع إلى بطن نخلة فقال لا صفا ولا مروة ولا إله لكم وكان ذلك لاهل مكة فقالوا ما تأمرنا فقال: انا أضع لكم ذلك فاخذ حجرا من الصفا فوضعه لهم كالصفا وحجرا من المروة فوضعه كالمروة واخذ ثلاثة احجار فوضعها إلى الشجرة فقال هذا ربكم فطافوا بين الحجرين وعبدوا الحجارة الثلاثة ولما فتحت مكة أمر صلى الله عليه وسلم برفع الحجارة وأمر خالد بقطع الشجرة وقيل: بيت بالطائف تعبده ثقيف والصحيح الصخرة.