التفاسير

< >
عرض

لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ
٧٩
-الواقعة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ لا يَمَسُّهُ } أي ذلك الكتاب المكنون وهو اللوح المحفوظ ولا نافيه { إِلا المُطّهَّرُونَ } من ادناس الذنوب وغيرها وهم الملائكة والجملة صفة لكتاب وان جعلته صفة لقرآن والضمير له فالمعنى لا ينبغي ان يمسه إلا من هو على الطهارة من الناس يعني مس المنسوخ من اللوح وكأنه نهي ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه" أي لا ينبغي له ان يظلمه وان جعل بمعنى النهي أو نهياً مقدر الجزم لئلا يلتقي ساكنان قدر القول إذا جعل صفة ويصح جعل ذلك حالا من ضمير كريم أو مكنون أو ضمير في كتاب أو خبر اخر على أن المطهرين الملائكة ومن الناس من حمل الآية على القراءة أيضاً قال ابن عمر: أحب إلي ان لا يقرأه إلا طاهر وعن ابن عباس إباحة القراءة للجنب وقيل: المعنى لا يطلبه إلا المطهرون من الكفر وقال الفراء: لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به وقيل: لا يقرأه إلا الموحدون والظاهر المشهور انه لا يجوز مسه إلا للمتطهر من الشرك والجنابة والحيض.
قال ابن عباس في رواية وجميع الاحداث وهو قول انس وابن جبير وابي العالية وقتادة وابن زيد وكان ابن عباس ينهى ان يمكن للمشرك من قراءة القرآن ومسه قال عطاء وطاووس وسالم والقاسم ومالك والشافعي وأكثر الفقهاء لا يقرأه ولا يمسه الجنب الحائض والمحدث روي ذلك عنه صلى الله عليه وسلم وانه كتب لاهل اليمن ان لا يمسه إلا طاهر ونهي ان يسافر به لأرض الشرك اختلف في اشتراط الوضوء لقراءته ومسه وأجاز حيكم وحماد وأبو حنيفة للجنب والحائض حمله بغلافه واجاز بعضهم قراءته ومسه للحائض وبعض للجنب أيضاً والآية تدل على تنزيه القرآن عن هؤلاء كلهم ولو قلنا المطهرون هم الملائكة فإنه أذا كان من شأنه وشرفه بتلك الرتبة الاعلى فحق علينا ان لا يتناوله منا إلا موحد متطهر.
وقرىء باسكان الطاء من اطهره بمعنى طهره أي إلا من أطهره الله من الشرك وهم الملائكة والموحدون أو اطهره الماء بعد التوحيد وقرىء بكسر الهاء بعد فتح الطاء أي طهروا انفسهم بالتوحيد والماء أو الملائكة طهرت غيرها بالاستغفار والوحي وانفسها وقرىء المتطهرون والمطهرون بتشديد الطاء والهاء بابدال التاء طاء وان قلت كيف قيل الكتاب كتب المسلمين أعني مصاحفهم ولم تكن يومئذ قلت قال بعضهم ذلك اخبار بالغيب أو المراد انه إذا كتب في شيء ما فصونوه.