التفاسير

< >
عرض

وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
١٠
-الحديد

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَمَا لَكُمْ ألا تُنفِقُوا } أي في أن لا تنفقوا فحذف في وادغم النون في اللام وقيل أن زائدة ناصبة وهو ضعيف وعليه فالجملة حال. { فِى سَبِيلِ اللهِ وَللهِ مِيرَاثُ السَّمَٰوَاتِ وَالأَرْضِ } ارثهن بما فيهن فلا يبقى لاحد مال فانفاقه أولى لانه يعوض أجراً كبيرا هو الجنة.
{ لا يَسْتَوِى مِنكُمْ مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الفَتْحِ } لمكة وبه عز الاسلام وكثر أهله وقلة الحاجة الى القتال وقرىء بإسقاط من ونصب قبل. { وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً } والمعادل محذوف أي ومن انفق من بعد الفتح وقاتل لقلة الحاجة اليهما بعد الفتح وذلك بيان لتفاوت احوال المنفقين المقاتلين من قبل والمنفقين المقاتلين من بعد فالاولون أقوى يقينا وتحريا لحاجات ولذلك، قال اولئك اعظم درجة وهو دليل على المحذوف.
{ مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ } بعد الفتح { وَقَاتَلُوا } وذلك قول الجمهور وقتادة وزيد بن أسلم ومجاهد وهو الفتح الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم:
"لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية" وحكم باقي الآية باق في غابر الازمنة من انفق في وقت الحاجة أو قاتل في وقت الشدة كهذا العصر أعظم أجرا ممن فعل في غيره ذلك فمن قاتل اليوم أعظم ممن قاتل بعد الفتح، وقال ابو سعيد الخدري والشعبي: هو فتح الحديبية وقال الكلبي: نزلت الآية في أبي بكر رضي الله عنه أول من أسلم وأول من انفق ماله في سبيل الله وأول من خاصم الكفار وقد ضرب ضرباً أشرف به على الموت.
وعن ابن عمر
"كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ابو بكر وعليه عباءة قد خللها في صدره بخلال فنزل جبريل عليه السلام فقال مالي أرى أبا بكر عليه عباءة مخللة فقال صلى الله عليه وسلم: انفق ماله علي قبل الفتح قال: فإن الله عز وجل يقول أقرأ عليه السلام وقيل له أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط فقل كيف أسخط على ربي، إني على ربي راض، إني على ربي راض" ، وهؤلاء المهاجرون الاولون الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: "لو أنفق احدكم مثل أُحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" .
{ وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الحُسْنَى } الجنة ولكن درجات جنة المنفقين المقاتلين قبل الفتح اعظم وقرأ ابن عامر برفع كل على الابتداء وحذف الرابط أي وعده ليطابق ما عطف عليه. { وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } "عن صفوان ابن امية وسهيل بن عمرو ورجلين آخرين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم من مكة فقال ما جاء بكم فقالوا: سمعنا انه لا إيمان لمن لم يهاجر فقال صلى الله عليه وسلم: إن الهجرة قد انقطعت ولكن جهاد ونية وحسبة ثم قال: اقسمت عليك يا أبا وهب لترجعن إلى مكة" .