التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ
١٣
-الحديد

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَوْمَ } بدل يوم { يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالمُنَافِقَاتُ } هم من ضيع العمل واتى بالقول عندنا ومن أسر الشرك عند غيرنا.
{ لِلَّذِينَ آمَنُوا } عملوا بمقتضى الايمان { انظُرُونَا } انتظرونا { نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } نأخذ القبس منه يحسبون أنه كقبس الدنيا اذا اطفى جدد وذلك أنه يسرع بهم الى الجنة كالبرق الخاطف أو المراد انظروا الينا ليستقبلوهم بوجوههم فيسضيئون بنورهم لانه بين أيديهم وبايمانهم بحيث لا يضيء للمنافقين قيل: تغشى الناس ظلمة عظية فيعطى المؤمن نوراً بقدر عمله ويعطى المنافق نوراً خديعة كخدعة في الدنيا فيبعث الله ريحاً فتطفىء نوره ويقول انظرونا وقيل: لا يعطى المنافق نوراً بل يستضىء بنور المؤمن ثم يفوته فيقول انظرونا يطمع المنافقون في شيء من أنوار المؤمنين جهلا لان النور نتيجة الاعمال في الدنيا وهم لم يقدموها.
قال الحسن: يلقى من حجر جهنم وكلاليبها وحسكها على الطريق ثم تمضي زمرة نور وجه كل واحد كالقمر ليلة التمام سبعون ألفا لا يحاسبون ثم زمرة كأضواء كوكب ثم كذلك تغشاهم ظلمة تطفىء نور المنافقين وأولى من ابدال يوم من يوم تعليقه بالفوز أو بالعظيم أو بمحذوف خبر ثان أو حال من الفوز أو من ضمير الوصف أو بمحذوف معرفة نعت للفوز لان ظهور المرء يوم خمول عدوه ابدع وافخم أي يفوز المؤمنون أي ينجون من النار الى الجنة والرضوان والامان يوم يعتري المنافقين ضد ذلك ويجوز تعليقه باذكر محذوفا والقبس الشعلة من النار أو من السراج وقرأ حمزة انظرونا بقطع الهمزة مفتوحة وكسر الضاء من الانظار وهو التأخير.
{ قِيلَ } أي قال المؤمنون وقيل الملائكة والاولى لابن عباس { ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالتَمِسُوا نُوراً } طرد لهم وتهكم بهم وتخييب واقناط أي ارجعوا الى الموقف حيث اعطينا النور فالتمسوا النور فيه فمنه يقتبس فيرجعون ولا يجدون شيئاً فادركتهم خدعة الله أو ارجعوا الى الدنيا فالتمسوا نوراً لتحصيل بسببه وهو الايمان أو ارجعوا عنا خائبين فالتمسوا نوراً اخر فلا سبيل لكم الى هذا ووراء متعلق بارجعوا مؤكد وقد يقال لا توكيد لان الرجوع قد يكون الى غير وراء مثل أن يكون إنسان في موضع وينصرف عنه إلى موضع آخر ثم ينصرف عن الآخر إلى جهة.
فافهم ويصح أن يكون وراءكم اسم فعل بمعنى تأخروا وإذا رجعوا حجز بينهم كما قال { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ } أي بين المؤمنين والمنافقين بحائط بين الجنة والنار قيل: هو الاعراف وعليه مجاهد وقيل: جبل أحد، قال صلى الله عليه وسلم:
"إن أُحداً جبل يحبنا ونحبه وأنه يمثل يوم القيامة بين الجنة والنار ويحبس عليه اقوام يعرفون بسيماهم هم إن شاء الله من أهل الجنة" وقيل: أن أصحاب الاعراف يميل بهم الصراط مرة الى الجنة ومرة الى النار ثم يصيرون الى الجنة، قال ابو أمامة الباهلي إذا رجعوا الى موضع اقتسام النور فلم يجدوا رجعوا الى المؤمنين فيجدون السور مضروباً.
{ لَّهُ بَابُ } يدخله المؤمنون { بَاطِنُهُ } أي باطن السور أو الباب وهو مايلي الجنة { فِيهِ الرَّحْمَةُ } الجنة { وَظَاهِرُهُ } مايلي النار { مِن قِبَلِهِ } جهته { العَذَابُ } النار والظلمة للمنافقين وعن ابن عمر السور هو سور بيت المقدس الشرقي باطنه فيه المسجد وظاهره من قبله العذاب واد في جهنم وعن كعب أن الباب هو باب الرحمة في بيت المقدس ونائب ضرب هو بينهم على قول من اجاز نيابة الظرف غير المتصرف ويبقى على نصبه أو بسور وهو أولى وعدي بالباء لتضمنه معنى الفصل وقال ابو البقاء الباء زائدة وسور نائب وقرىء بالبناء للفاعل فالباء للتعدية لتضمنه معنى الفصل أو زائدة في المفعول.