التفاسير

< >
عرض

يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَٱرْتَبْتُمْ وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ
١٤
-الحديد

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يُنَادُونَهُمْ أَلَم نَكُن مَّعَكُمْ } على الطاعة وذلك بحسب ظاهرهم { قَالُوا بَلَى } كنتما معا { وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ } اهلكتموها بالنفاق { وَتَرَبَّصْتُمْ } تأخرتم عن التوبة أو تربصتم بالنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين الدوائر يقولون يوشك أن يموت فنستريح { وَارْتَبتُمْ } شككتم في الدين { وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِىُّ } الأطماع في امتداد العمر ونزول الدوائر وغير ذلك وطول الأمل وهو غرور لكل أحد.
{ حَتَّى جَآءَ أَمْرُ اللهِ } الموت قيل: القاؤم في الغار وقيل: الفتح وقيل: ظهور الاسلام. { وَغَرَّكُم بِاللهِ الغَرُورُ } الشيطان بان الله عفو كريم لا يعذبكم حيث اقررتم وقيل الغرور الدنيا والتذكير باعتبار الشيء ولان غرورا فعول بمعنى فاعل لكن مع مبالغة والواو للعطف أو للحال فيقدر قد عند بعضهم أي جاء امر الله وقد غركم بالله وقد قرىء بضم الغين تسمية للشيطان بالمصدر أو للدنيا أو يقدر مضاف أو يأول بالمصدر والمبالغة في الاول كما تقول زيد صوم ويجب عليك ان تعتبر هذه الآية في نفسك وتسويف توبتك.
واعلم أيها الاخ أن الدنيا غرارة للمقبلين عليها فإن أردت النجاة والفوز فازهد فيها واقبل لصلاح دينك، قال ابو الدرداء لاصحابه: لئن حلفتم لي على رجل منكم أنه ازهدي كم لاحلفن لكم إنه خيركم وفي الحديث يبعث الله تبارك وتعالى يوم القيامة عبدين من عباده كانا على سيرة واحدة احدهما مقتر عليه والآخر موسع عليه فيقبل المقتر عليه إلى الجنة ولا ينثني عنها حتى ينتهي إلى ابوابها فيقول حجتها اليك اليك فيقول اذن لا ارجع وسيفه في عنقه فيقول اعطيت هذا السيف في الدنيا اجاهد به فلم ازل اجاهد به حتى قبضت وانا على ذلك فيرمى بسيفه الى الخزنة وينطلق ولا يحبسونه عن الجنة فيدخلها فيمكث فيها دهرا ثم يمر به اخوه الموسع عليه فيقول له يا فلان ما حبسك فيقول ما خلي سبيلي إلى الان ولقد حبست ما لو أن ثلاثمائة بعير اكلت حمصا ووردت على عرقي لصدرن منه ربا.