التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
١٦
-الحديد

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ } أي لم يحن من أنى الامر يأني إذا جاء اناه أي وقته وقرىء ألم يئن من آن يئين بمعناه وألم يأن وألم يئن بالتشديد من أن يئن بمعناه أيضا وأن تخشع فاعل أو الاستفهام للاستبطاء قاله هشام ولا يقال الاستبطاء لحضور خشوعهم لا لعدمه لأنا نقول: الاستيطاء، وان تعلق بالحضور لكنه عدل الاستفهام عن الاثبات إلى الاستفهام عن النفي إشعارا بأن الراجح من الطرفين هو عدم الحضور فعلق به الاستفهام وفيه من المبالغة مالا يخفى.
{ لِذِكْرِ اللهِ وَمَانَزَلَ مِنَ الحَقِّ } اراد بالذكر وما نزل القرآن لانه جامع للذكر والنزول أو المراد أن يذكر الله واراد بما نزل القرآن وقرأ غير نافع وحفص ويعقوب نزل بالتشديد وقرىء انزل والآية نزلت في شأن الصحابة لما اكثروا المزاح وقيل: نزلت فيهم لما هاجروا واصابوا الرزق والنعمة ففتروا عما كانوا عليه اعني عن بعضه وعن ابن مسعود ما كان بين اسلامنا وبين ان عاتبنا الله بالآية اربع سنين وعن ابن عباس أن الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن وقيل مافتروا وما مزحوا ولكن استزادهم والمشهور انهم مزحوا وفتروا عن بعض ما كانوا عليه.
قال الحسن: أما والله لقد استبطأهم وهم يقرأون من القرآن أقل مما يقرأون فانظروا في طول ما قرأتم منه وما ظهر فيكم من الفسق وقرئت الآية عند ابي بكر وعنده قوم من أهل اليمامة فبكوا بكاء شديدا فنظر اليهم فقال هكذا كنا ثم قست القلوب وهذه الآية سبب توبة الفضيل وابن المبارك وقيل نزلت في المنافقين بعد الهجرة سنة، قالوا لسلمان حدثنا عن التوراة فإن فيها العجائب فنزل نحن نقض عليك أحسن القصص فاخبرهم ان القرآن احسن من غيره فكفوا عن سؤال سلمان ما شاء الله ثم سالوه فنزلت الآية فالمراد آمنوا بالسنتهم.
{ وَلا يَكُونُوا } وقرأ أويس بالمثناة الفوقية التفاتا للخطاب والعطف على تخشع ويجوز ان يكون نهيا غيبة وخطاباً { كَالَّذينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلُ } يعني اليهود والنصارى وقيل: بني اسرائيل.
{ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمدُ } الزمان بينهم وبين أنبيائهم وقرىء الآمد بالمد أي الوقت الاطول وقال مقاتل الأمد الأمل وقيل: أمد انتظار القيامة.
{ فَقَستْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُم فَاسِقُونَ } خارجون عن دينهم كافرون بعيسى وموسى ومحمد نهى الله المؤمنين عن مماثلة اهل الكتاب في قسوة القلوب بعد توبيخهم ببطىء الخشوع وذلك ان اهل الكتاب كان الحق يحول بينهم وبين شهواتهم وإذا سمعوا التوراة والانجيل خشعوا ورقت قلوبهم ولما طالت اعمارهم واما لهم غلبهم الجفاء والقسوة واختلفوا وحرفوا وبعث ابو موسى الاشعري الى قراء البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قرؤوا القرآن فقال انتم خيار اهل البصرة فاتلوه ولا يطولن عليكم الامد فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم.