التفاسير

< >
عرض

ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي ٱلأَمْوَٰلِ وَٱلأَوْلَٰدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَٰهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰماً وَفِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَٰنٌ وَمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ
٢٠
-الحديد

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ اعْلَمُوا أَنَّمَا الحَيَٰوةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِى الأَمْوَالِ وَالأَولادِ } لما ذكر حال الفريقين في الآخرة امرهم تأكيدا ان يعلموا انحصار أمر الدنيا التي لا يتوصل بها الى الفوز في أمور كالخيال قليلة النفع سريعة الزوال فمن لعب باطل لا حاصل له كلعب الصبيان ومن لهو أي فرح ساعة ينقضي قريبا يلهون به عن الآخرة ومن منظر يتزينون به كالمراكب والمنازل والملابس الحسنات ومن تفاخر بالانساب وتكاثر بالاموال والاولاد فالاولاد عدد بفتح العين والاموال عدد بضمها وقيل: يجمعون مالا يحل فيتطاولون بالمال والخدم والولد على اولياء الله والدنيا نفس نائمة والآخرة نفس يقظانه فالنجاة من النائمة العلم وثمرتها مخالفة الهوى في اجتناب المناهي ثم مكابدة النفس على اداء الفرائض والطهارة من الادناس فيورث السهولة في التعبد والحول في مقامات العابدين فيذيقه ما اذاق أولياءه واصفياءه من درجة المذاق.
كما ذُكر عن سيدنا ابراهيم خليل الرحمن انه اصابه عطش شديد في يوم شديد الحر في مفازة فنظر الى حبشي يرعى الابل فقال له هل عندك ماء فقال يا ابراهيم: أيما أحب إليك الماء أو اللبن؟ قال: الماء فضرب بقدمه على صخرة فنبع الماء فتعجب ابراهيم عليه السلام فاوحى الله عز وجل يا ابراهيم لو سألني هذا الحبشي ان ازيل السماوات والارض لأزلتهما فقال ولِم ذلك يا رب فقال ليس يريد من الدنيا والآخرة غيري ثم ضرب لهذه الحياة الدنيا مثال بقوله { كَمَثَلِ غَيْثٍ } مطر { أَعْجَبَ الكُفَّارَ } أي الزراع لانهم يكفرون البذر أي يسترونه في الارض لينبت أو الكفار بالله لانهم أشد أعجابا بزينة الدنيا ولان المؤمن اذا رأى معجبا انتقل فكره الى قدره صانعه فاعجب بها والكافر يستغرق فكره فيه.
{ نَبَاتُهُ } الناشىء عنه { ثُمَّ يَهِيجُ } ييبس { فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا } ويبسه بساقه أو عقوبة لهم أو بلوغ أوانه.{ ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً } مفتتاً متكسراً وذلك مثال في سرعة التقضي وقلة الجدوى وعظم أمر الآخرة.
{ وَفِى الأَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ } للمنافقين والمشركين { وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ } للمؤمنين لايثارهم الآخرة على الدنيا.{ وَمَا الحَيَٰوةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الغُرُورِ } يتمتع به الكافر وأما المؤمن فهي له بلاغ إلى الآخرة.