التفاسير

< >
عرض

سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ
٢١
-الحديد

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } سارعوا مسارعة السابقين في المضمار ومن ذلك التسارع الى قتال المنافقين والمشركين ولا سيما في هذا الزمان الذي انتشرت في الكفرة واختل فيه النظام وفي الحديث: "مابين حياة الشهيد في الدنيا وحياته في الآخرة إلا كمضغ تمرة" وفي الحديث: "إن الشهيد لايجد ألم القتل إلا كما يجد ألم القرصه" ونعم ما روي انه قال لاصحابه: "ماالشهيد عندكم؟ قالوا: القتيل في سبيل الله، فقال: إن شهداء أمتي إذاً لقليل ثم قال: القتل في سبيل الله شهادة لكل مسلم والبطن شهادة والطاعون شهادة والغرق شهادة والحرق شهادة والنفاس شهادة والسيل شهادة وكل مؤمن شهيد وشتان ما بين الشهادة الحربية والايمانية" امرهم بالسبق إلى أسباب المغفرة من التوبة والأعمال الصالحة في مقابلة مسارعة الكفار إلى أمور الدنيا.
{ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ } لو وصلت إحداهما بالاخرى فما ظنك بالطول فإن ماله عرض وطول فإن طوله أبسط وأوسع وهذه جنة الواحد، أي ليسارع كل منكم إلى جنة هي كذلك وقيل أن الجنس الشامل للأراضين والسماوات أو المراد تمثيل للواسع بما يعلمه البشر والحقيقة أكثر من ذلك وقد ورد أن سقف الجنة العرش وأن السماوات في الكرسي كالدرهم في الفلاة والكرسي في العرش كالدرهم في الفلاة وأن الجنة مائة درجة كل درجة عرضها السماوات والأرض.
{ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ } وطرحوا الدنيا جيفة واقبلوا الى الآخرة وترك الدنيا أفضل من الرغبة في حلالها وانفاقه لما فيها من الخطر وقيل بالعكس ولما حضرت الوفاة عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه بكى بكاء شديد وقال: كان مصعب بن عمير خيراً مني توفي ولم يترك ما يكفن فيه وبقيت بعده حتى أصبت من الدنيا وأصابت مني ولا أحسبني إلا سأحبس عن اصحابي بما فتح الله علي من الدنيا وبكى حتى فارق الدنيا. وأما الاغناء في
{ ووجدك عائلا فأغنى } فإغناء القلب فرحم الله قوماً عملوا بالآية فكانوا يتسارعون إلى الصلاة أول وقتها أجابة لدعاء الله وكان رجل من أهل القيروان متعبداً اسمه عبد الخالق كثير الخوف والحزن وبالخوف مات رأى فرساناً تتسابق ورأى فرساً تقدم وجد التالي حتى لحقه وسبقه فتخلل الناس حتى وصل الى السابق فجعل يقبله ويقول بارك الله فيك صبرت فظفرت ثم سقط مغشياً عليه تذكر سبق الآخرة.
{ ذَلِكَ } الموعود به { فَضْلُ اللهِ } من غير إيجاب { يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ } وهم المؤمنون { وَاللهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ } فلا يبعد منه التفضل بذلك للوعود به وإن عظم قدره أو فاعل وأصاب لازم بمعنى حدث.