التفاسير

< >
عرض

لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
٢٣
-الحديد

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ لِّكَيْلا تَأَسَوْا } أي اثبت ذلك وكتبه لكيلا تحزنوا حزناً يخرج عن الرضى بالقدر.{ عَلَى مَافَاتَكُمْ } من نعم الدنيا.
{ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ } أعطاكم وقرىء بالقصر أي جاءكم أي ولكيلا تفرحوا فرح بطر فإن من علم أن ما عنده مفقود لا محالة لم يشتد جزعه عند فقده لانه وطن نفسه على ذلك ومن علم ان بعض الخير واصل اليه وان وصوله لا يفوته مجال لم يعظم فرحه عند نيله وأصل الحزن والفرح ضروري لا يخلو منه أحد لكن المراد بالحزن والفرح المنفيين الحزن المذهل صاحبه عن الصبر والتسليم لأمر الله ورجاء ثواب الصابرين والفرح المطغي الملهي عن الشكر ولا بأس بفرح الشكر عن النعمة وفي قراءة القصر وهي لأبي عمر معادلة لفاتكم وفي الاول أشعار بأن فواتها يلحقها إذا خليت واطباعها واما حصولها وبقاءها فلا بد لها من سبب يوجدها ويبقيها.
وقرأ ابن مسعود بما أوتيتم وهي مثل هذه قال ابن عباس وعكرمة: ليس احداً لا يفرح ويحزن لكن اجعلوا الحزن صبرا والفرح شكراً وعن جعفر بن محمد الصادق يا بان آدم مالك تأسف على مفقود لا يرده اليك الفوت ومالك تفرح بموجود لا يتركه في يديك الموت وفي الحديث
"ما يصيب المسلم من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته" وفي الحديث "ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له فيها درجة ومحيت عنه بها خطيئة" ولما نزل من يعمل سوء يجزيه بلغت من المسلمين مبلغاً شديدا فقال رسول الله "سددوا وقاربوا ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة ينكبها والشوكة يشاكها" .
وعن ابن عمر ما أبالي على أي حال رجعت إلى أهلي لئن كانوا على عسر اني لانتظر اليسر ولئن كانوا على يسر إني لانتظر العسر وعن حذيفة رضي الله عنه أن أقر أيامي لعيني يوم أرجع إلى أهلي وهم يشكون إلي الحاجة وعن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ: "ما أبالي أي حال سبق إلى يسر أم عسر لان احدهما يتلوا صاحبه" قالت كمس امرأة مسروق ما قلت لمسروق قط ما أصبح لعيالك اليوم رزق إلا تبسم وقال أيم الله ليأتينهم الله برزق.
{ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ } مكتبر بما أوتي { فَخُورٍ } به على الناس دليل على ان الفرح المذكور هو الموجب للبطر والاختيال.