التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ
٢
-المجادلة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ } اصله يتظهرون ابدلت التاء ظاء وادغمت في الظاء وقرأ عاصم يظاهرون بضم الياء وتخفيف الظاء بعدها الف وكسر الهاء وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بفتح الباء والهاء وتشديد الظاء بعدها الف وفي الموضع الثاني كذلك.
{ مِنكُم } من للتعبيض { مِّن نِّسَآئِهِم } من للابتداء { مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ } الجملة خبر الذين والمراد توبيخ العرب وتهجير عادتهم في الظهار لانه من إيمان جاهليتهم خاصة دون الامم وقرأ عاصم برفع أمهات على لغة تميم من اهمال ما وقرأ ابن مسعود بأمهاتهم بزيادة الباء في خبر ما الحجازية واجاز بعضهم زيادتها في خبر المبتدأ على لغة تميم بعد ما.
والظهار ان يقول الرجل لامرأته انت علي كظهر امي ولا يقع بغير الظهر ولا بغير الام اخذا بظاهر الآية والحق الجمهور غير الظهر والام بهما قال الشيخ العلامة عبدالعزيز: الظهار تشبيه المسلم المكلف من تحل أو جزءها بظهر محرم أو جزء آخر وان بصهر أو رضاع ولا يصح ظهار المشركين وهو مذهب ابي حنيفة واحتج بأن الخطاب في الآية للمؤمنين ويصح عند الشافعي والخطاب للناس كلهم وعن ابي حنيفة لا يكون الظهار إلا بالظهر أو البطن أو الفرج واختلفوا ان قال كأمي فقيل ظهار وقيل لا وكان الظهار اشد طلاق الجاهلية في التحريم واثبته الشرع اثباتا وجعل له كفارة وليس تحليلة بالكفارة نسخا له إلا ان النسخ يدخل الشرائع الجاهلية وهو مأخوذ من الظهر وقيل من الظهر بمعنى العلو لأن امرأة الرجل مركب له يعلوه بدليل قول العرب نزل عن امرته أي طلقها لأن الظهر ليس بأولى من سائر الأعضاء كالوجه والثديين والبطن والفرج.
ودخل في الامهات نساء النبي صلى الله عليه وسلم وممن قال الظهار لا يكون إلا بالام الوالدة الشافعي وقتادة والشعبي قال الشعبي: لن ينسى الله ان يذكر البنات والاخوات والعمات والخالات.
{ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا الَّىءِ وَلَدْنَهُمْ } وفي حكمهن المرضعات لارضاعهن ونساء النبي لتحريمهن اما الزوجة فليست بأم ولا في حكم الأم فكان قول المظاهر منكراً نكره الحقيقة والاحكام الشرعية كما قال { وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ القَوْلِ وَزُوراً } كذبا باطلا منحرفا عن الحق وقيل: قال منكرا وزوراً لان الام تحرم عليه ابدا والزوجة لا تحرم بهذا القول واخذ بعضهم بظاهر الآية وقال: ان الظهار كبيرة وقيل: عصى مظاهر لم يعلق لشيء يفعله أو لا يفعله وان قال كأمه أو مثلها وقال: أردت محبة أو برا أو شفقة أو نحو ذلك دين وقيل: تحريم الظهار تحريم المكروهات جدا وكان قنبل وقالون يقرآن اللاء بالهمزة من غير ياء وورش بباء مختلسة الكسرة خلفا من الهمزة وإذا وقف صيرها ياء ساكنة والبزي وابو عمرو بياء ساكنة بدلا من الهمزة في الحالين والباقون بالهمزة وياء بعدها في الحالين وحمزة اذا وقف جعل الهمزة بين بين عن أصله ومن همز أشبع التمكين للالف في الحالين إلا ورشا فان المد والقصر جائزان في مذهبه واتفقت المصاحف على كتابه "الئي" بلام واحدة هنا وفي الطلاق والاحزاب.
{ وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } للمظاهر بالكفارة ولما سلف منه اذا تاب يعفو عن منكره وزوره ويحل زوجته ويغفر ذنوب التائب مطلقا.