التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ
١٠
-الحشر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَالَّذِينَ جَآءُو مِن بَعْدِهِمْ } هم الذين هاجروا بعد قوة الاسلام وقيل: التابعون بإحسان الى يوم القيامة فالآية عمت المؤمنين والهاء للمهاجرين الاولين وهو مذهب الجمهور وقال الفراء: اراد الفرقة الثلاثة وهي من آمن في آخر مدة النبي صلى الله عليه وسلم.
{ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا } في الدين { الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاًّ } حقدا أو حسدا أو اعتقاداً رديئاً وبغضاً.
{ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } فحقيق ان تجيب دعاءنا والذين معطوف على ما مر ويقولون حال أو مبتدأ وخبر المشهور الاول وعن ابي الدرداء وام الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم
"دعوة المسلم لاخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك كلما دعا قال آمين" ولك مثله قال مالك من كان له في احد من الصحابة رأي سوء أو بغض فلا حظ له في فيء المسلمين وتلا ما أفاء الله إلى رؤوف رحيم.
قال الحسن: ادركت ثلاثمائة من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم سبعون بدرياً كلهم يحدث عنه صلى الله عليه وسلم
"من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه ولا تسبوا الصحابة ولا تماروا في دين الله ولا تكفروا احدا من أهل التوحيد بذنب أي لا تشركوه" وكذا قال ابو امامة وابو الدرداء وواثلة وانس كل يحدث ذلك عنه صلى الله عليه وسلم وعنه "أدعوا إِلى أًصحابي لا تسبوهم فإن احدكم لو أًنفق كل يوم مثل جبل أُحد لم يبلغ مد أًحدهم" وعنه صلى الله عليه وسلم "الله الله في اصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن احبهم فبحبي احبهم ومن ابغضهم فببغضي ابغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله أي عصاه ومن اذاه يوشك ان يأخذه" .
وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا ذكر القدر فامسكوا أي عن الخوض فيه بما لا يليق وامنوا به واثبتوه لله واذا ذكر اصحابي فامسكوا واذا ذكر النجوم فامسكوا" قالت عائشة رضي الله عنها لعروة بن الزبير: "يا ابن اختي امروا ان يستغفروا لاصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسبوهم" قال ابو قلابة لايوب: يا ايوب احفظ عني ثلاثا لا تجالس اهل البدع ولا تسمع منهم ولا تفسر القرآن برأيك فإنك لست من ذلك في شيء وانظر الى هؤلاء الرهط من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولا تذكرنهم إلا بخير وقد رتب الله المؤمنين على ثلاث منازل المهاجرين والانصار والتابعين باحسان ومن لم يكن واحدا منهم لاحظ له في الاسلام.
وقال الشعبي: يا مالك تفاضلت اليهود والنصاري على الرافضة سئلت اليهود من خير اهل ملتكم قالوا اصحاب موسى وسئلت النصارى من خير اهل ملتكم قالوا حواري عيسى وسئلت الرافضة من شر اهل ملتكم فقالوا اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم امروا ان يستغفروا لهم فسبوهم والسيف مسلول عليهم الى القيامة لاتقوم لهم راية ولا يثبت لهم قدم ولا تجتمع لهم كلمة كلما اوقدوا نارا للحرب اطفاها الله وقيل لعائشة رضي الله عنها: ان ناساً يتناولون اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ابا بكر وعمر فقالت: ما تعجبون من هذا انقطع عنهم العمل واحب الله ان لا ينقطع عنهم الاجر.
وسمع ابن عباس رجلا بنى لهم فقال أمن المهاجرين انت؟ قال لا قال: فمن الانصار؟ قال لا قال: فإنا اشهد انك لست من التابعين لهم باحسان وقالت اصحابنا بكل ذلك إلا من احدث ولم يتب فإنه لا يترحم له عندهم ويتبرأ منه كما تبرأت عائشة وغيرها.
فمن احدث وكيف لا توالي من لم يحدث وقد بذلوا جهدهم في الطاعة
"روي أًن رجلا من المهاجرين قام ثلاثة ايام صائما لا يجد ما يفطر عليه وفطن به مسلم اسمه ثابت بن قيس فقال لاهله ان أخا لي لضيف لي فإذا وضعتم طعامكم فليقم احدكم الى السراج كانه يصلحة فليطفه ثم اضربوا بايديكم كأنكم تأكلون ولا تأكلوا حتى يشبع ففعلوا وانما كان طعامهم خبزة ولما اصبح غدا الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا ثابت لقد رضي الله فعلكما البارحة بضيفكم" ونزل ويؤثرون على انفسهم الخ....
وقدم عبد الرحمن بن عوف عليه صلى الله عليه وسلم ووجد معه سعيد بن ربيع الانصاري فقال له سعيد اقاسمك مالي نصفين وكان ذا غنى ولي امرأتان ايهما اعجبتك طلقتها فتزوجها فقال له: بارك الله لك في مالك واهلك دلوني على السوق فما رجع حتى قضى اقطا كثيراً وسمنا وتمرا فجاء بذلك الى منزلة فمكثا ما شاء الله فرأى صلى الله عليه وسلم اثر صفرة في صدره فقال:
"ما هذا قال: تزوجت امرأة من الانصار قال: ما سقت اليها قال: نواة من ذهب أو ورق فقال: أولم ولو بشاة" .
وروي انه اعطى صلى الله عليه وسلم من غنائم خيبر الاقرع بن حابس مائة من الابل واعطى عيينه مائة فقال اناس من الانصار: يعطي النبي صلى الله عليه وسلم غنائما رجالا سيوفنا تقطر من دمائهم وسيوفهم تقطر في دمائنا واجتمعت فقال: "هل فيكم غيركم فقالوا: لا يا رسول الله إلا ابن اخت لنا فقال: اين اخت القوم منهم فقال: يا معشر الانصار الا ترضون ان يذهب الناس بالدنيا وبالشاة والابل وتذهبون انتم بمحمد الى دياركم قالوا: بلى قال: لو أخذ الناس واديا وأخذ الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار، الانصار كرشي وعيبتي ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار.