التفاسير

< >
عرض

لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ
١٣
-الحشر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ لأَنتُمْ } اللام للابتداء { أَشَدُّ رَهْبَةً } أي مرهوبية مصدر من المبني للمفعول والرهبة الخوف الشديد مع حزن واضطراب { فِى صُدُورِهِم } أي صدور المنافقين وقيل المنافقين واليهود وقيل اليهود.
{ مِّنَ اللهِ } وذلك دليل النفاق أي يظهرون لكم في العلاقة خوف الله وانتم اشد في صدروهم منه ولولا رهبتهم منكم لم يظهر وللرهبة من الله اكاذبة والآية نص في ثبوت رهبة شديدة لهم من الله وفي ان رهبتهم من المؤمنين اشد والمراد ان رهبتهم في السر منكم اشد من رهبتهم من الله التي يظهرونها لكم وكانوا يظهرون رهبة شديدة من الله أو ان اليهود يخافونكم في صدورهم اشد من خوفهم من الله لانهم كانوا قوماً أولي بأس ونجدة فكانوا يتشجعون لهم من اضمار الخوف والكفار ابدا في خوف من المسلمين ما لم يعلموا اعمال الكفار اجلي صلى الله عليه وسلم النضير الى الشام فلم يخرجوا معهم وقاتل قريظة بحكم سعد بن معاذ فلم يقاتلوا معهم وتقدم ان جلاء النضير وقتال قريظة سنتين اقاموا بالمدينة بعد اجلاء النضير فلما سار ابو سفيان بالاحزاب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم غدروا فلما هزم الاحزاب امره ان يقاتل قريظة فارسل اليهم المنافقون ان اراد اخراجكم من المدينة فلا تخرجوا لئن اخرجتم لنخرجن معكم وإن قوتلتم لننصرنكم فاغتروا فقاتلوا قدر شهرا واقل ولم ينصروهم فنزلوا على سعد فحكم أن يقتل مقاتلهم وتسبى ذريتهم ويقسم مالهم بين المهاجرين والانصار.
وقال عبد الله بن عمر عن سعد بن معاذ:
"أَنه صلى الله عليه وسلم أَرسل الى سعد فجاء على حمار فقال: اشرع لي فيهم فقال عسى ان الله امرك فيهم بأمر انت فاعله قال: اشرع لي فيهم قال لو وليت امرهم لقتلت مقاتلهم وسبيت ذراريهم ونساءهم ولقسمت اموالهم فقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لقد اشرت علي فيهم بالذي امرني الله فيهم" وكان محمد بن كعب القرظي ممن لم ينبت شعر عانته فترك.
{ مِّنَ اللهِ ذَلِكَ } الخوف { بِأَنَّهُم قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ } لا يعلمون عظمة الله سبحانه حتى يخشوه حق الخشية نفى عنهم فقه الدين وهو اشد ما ينفى فانه لا شيء يعادل العلم وفي الحديث
"لا تقوم الساعة حتى يرفع العلم" قال زياده بن لبيد: "يرفع العلم يا رسول الله ونحن نقرأ القرآن إيمانا ولسانا فقال ثكلتك امك يا زياد قد كنت اعدك من فقهاء المدينة أوليس كتاب الله عند اليهود والنصارى فما اغنى عنهم ان ذهاب العلم ذهاب العلماء وقال: ان الله لاينزل العلم منكم بعد اعطاكموه انتزاعاً ولكن ينزعه بقبض العلماء." .
وعن عمر رضي الله عنه (اصحاب الرأي اعداء السنن اعيتهم الاحاديث ان يحفظوها وتفلتت منهم ان يعوها وسئلوا فقالوا برأيهم فضلوا وأضلوا) وعن بعض: ما حدثك اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم به فحدث وما حدثك اصحاب الرأي فارم به في البحر وعن بعضهم: مثل العلماء في الارض كمثل النجوم يهتدي بها الناس ما بدت فإذا خفيت تجبروا. وعن الحسن: ركوب النهي اشد من ترك الامر يعين من ترك ما امر به مما ليس واجبا.