التفاسير

< >
عرض

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَآقِّ ٱللَّهَ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
٤
مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيُخْزِيَ ٱلْفَاسِقِينَ
٥
-الحشر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ذَلِكَ } الذي لحقهم في الدنيا أو عذاب النار أو ذلك كله.
{ بِأَنَّهُمْ شَآقُّوا اللهَ } خالفوه { وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ0مَاقَطَعْتُم } موصول وصلته دخلت الفاء في خبره أو نكرة موصوفة كذلك. { مِّن لِّينَةٍ } أي نخلة وقيل: ما عدا العجوة من اللون فهي ضروب النخل وياؤها عن واو الاصل لونه قلبت الواو ياء للكسر قبلها وقيل ماخلا العجوة والبرنة وهما اجود النخيل وفي الحديث:
"العجوة من الجنة وهي شفاء من السم" ويجمع على الوان ولين بترك التاء فقط وممن قال اللينة النخل ما عدا العجوة ابن عباس وعكرمة وغيرهما.
وذكروا عن رسول الله صلى عليه وسلم انه كان يقطع ما عدا العجوة وان اهل المدينة يسمون ما عداها الاوان وقيل اللينة النخلة الكريمة اشتقوها من اللين وجمعها اليان ولين بترك التاء فقط وعن ابن عباس: لون من النخل وقيل: ضرب منه يقال لتمره لون شديد الصفرة يرى نواه من خارج يغيب فيها الضرس وهو من أجود تمرهم ونخله من كوصيف أو حب.
{ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا } ضمير النصب لما وأنثه لوقوع ما على المؤنث وهو اللينة كما فسر به أو بعض به. { قَائِمَةً } وقرىء قوما بضم القاف وتشديد الواو مفتوحة جمع وقرىء قائما لا فرد والتذكير نظرا الى لفظ ما بعد النظر الى معناه. { عَلَى أُصُولِهَا } وقرىء بعدم الواو واكتفاء بالضمة أو لانه جمع كرهن بالاسكان ورهن بالضم { فَبِإِذْنِ اللهِ } أي فقطعها بإذن الله وخيرة من الله لكم.
{ وَلِيُخْزِى الفَاسِقِينَ } بني النضير أي وأذن لكم في القطع أو الترك ان شئتم ليخزيهم أي يهينهم ويغيظهم بالاذن في القطع روي انه لما حاصرهم امر بقطع نخلهم واحراقها وترك العجوة وشق عليهم ذلك وقالوا للمؤمنين: انكم تكرهون الفساد وأنتم تفسدون دعوا هذا النخل فإنه لمن غلب، قالوا: يا محمد زعمت انك تريد الصلاح فمن الصلاح عشر الشجر وقطع النخل وهل انزل اليك الفساد روي أنهم قالوا: قطع الشجر المثمر فساد فكان في أنفس المؤمنين من ذلك شيء فقال بعض: نتركها تنفع وقال بعض: نغيظهم بها فنزلت الآية قال حسان:

وهان على سراة بن لؤي حريق بالبويرة مستطير

والبويرة موضع لبني النضير واللبنة ان كانت من الالوان فخصوا القطع والاحراق بها ليبقوا لانفسهم العجوة والبرنية وان كان من كرام النخيل فليكون اشد غيظا على اليهود "وروي أَن رجلين كان أَحدهما يقطع العجوة والآخر اللون فسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الذي يقطع العجوة قطعها غيظا للكفار وقال: الذي يقطع اللون تركت العجوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم" واستدل بعضهم بهذا على جواز الاجتهاد وعلى جوازه بحضرته صلى الله عليه وسلم واحتج به كل من يقول كل مجتهد مصيب والحق جواز الاجتهاد وان للمجتهد يصيب ويخطىء وله الاجر ولا وزر واستدل بعضهم بذلك وبالآية على جواز هدم ديار الكفار وقطع الاشجار واغراقها والرمي بالمناجيق سواء ما أثمر وما لم يثمر قيل يجوز ذلك باتفاق وعن ابن مسعود قطعوا منها ما كان موضعا للقتال.