التفاسير

< >
عرض

مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ ٱلأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
٧
-الحشر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ مَّا أَفَآءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القُرَى } قريظة والنضير وفدك وخيبر وغيرها كذا قيل هذه الجملة في حكم الاولى ومبسه لها ولذا لم تقترن بعاطف امره ان يضع الفيء حيث يضع خمس الغنيمة قاله عمر بن عبد العزيز.
{ فَللهِ } جميعه يأمر فيه بما شاء وذكره لتنظيم وقيل بسدس الفيء وسهم الله يصرف في عمارة الكعبة والمساجد. { وَلِلرَّسُولِ } ويصرف سهمه اليوم للامام وقيل المساكين والثغور ومصالح المؤمنين والقولان وعن الإِمام الشافعي وبدا بالمقاتلة فالاهم فالاهم وقيل: يخمس خمسه كالغنيمة لانه كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك ويصرف الخمس إلا ربعه كما يشاء والان على الخلاف وقيل ينفق من الفيىء لاهله سنة وما بقي للكراع والسلاح.
{ وَلِذِى القُرْبَى } بني هاشم وبني عبد المطلب كتب نجدة عن عامر إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى فكتب اليه انا كنا نراها قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي ذلك علينا قومنا وكذا قال ابو بكر وعمر.
{ وَاليَتَامَى } الاطفال الذي هلكت آباؤهم وهم فقراء { وَالمَسَاكِينِ } ذوي الحاجة من المسلمين { وَابْنِ السَّبِيلِ } المنقطع في سفره من المسلمين وان كان غنيا في بلده وقيل: المراد الغازي وعليه الحسن وقال الاكثرون: لا يخمس الفيء بل فيه لجميع المسلمين حق قرأ عمر الآية إلى
{ والذين جاءوا من بعدهم } الآية ثم قال: هذه استوعبت المؤمنين وما على وجه الارض مسلم إلا له حق في الفيء إلا ما ملكت ايمانكم وقيل المراد بالقرى الصفراء والينبوع ووادي القرى وغيرها مما هناك من قرى العرب المفتوحة بلا قتال وانه اعطى ذلك للمهاجرين ولم يعط الانصار شيئا لهم ولم يحبس لنفسه شيئاً وقيل ان هذه نخست الاولى جعلت الخمس لمن كان له الفيء فصار ما بقي من الغنيمة لاحل القتال أي لمن خرج وتأهل للقتال.
وعن الحسن: ان الفيء الجزية ولا يجعل الآية منسوخة وعن مالك بن أوس أن عمر دعاه إذ جاء حاجبه برفاء فقال: هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد يستأذنون قال: نعم فادخلهم فلبث ثم جاء برفاء فقال هل لك في العباس وعلي يستأذن قال نعم فاذن لهما فدخلا قال العباس: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا فقال القوم: أجل يا أمير المؤمنين اقض بينهما وارح احدهما من الآخر قال مالك بن أوس: تخيل لي انهم قدموهم.
كذلك قال عمر: انشدكم بالله الذي بأذنه تقوم السماوات والارض هل تعلمون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لانورث، ما تركناه صدقة يريد نفسه قالوا: نعم ثم اقبل على العباس وعلي ثم قال: انشدكما بالله الذي بأذنه تقوم السماوات والارض اتعلمان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لانورث ما تركناه صدقة قالا: نعم قال عمر: ان الله خص رسوله بخاصة لم يخص بها احدا غيره فقال وما افاء الله الخ فقسم بينكم اموال بني النضير فوالله ما استأثرها عليكم وبقي هذا المال وكان يأخذ نفقة سنة والباقي يجعله لله وانشدهم الله وانعموا كما مر.
وانشد علياً والعباس فانعما ومات عمل ابو بكر فيه مثله وهو نفقته ومات وعملت فيه كعمله ثم جئتما يا عباس وعلي فقلت انه قال: لانورث، ما تركناه صدقة قلتما ادفعه الينا فدفعت على عهد الله لتفعلان فيه كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم افتلتمسان مني قضاء غير ذلك لا والله حتى تقوم الساعة فإن عجزتما فادفعاه لي اكفكما اياه.
{ كَىْ لا يَكُونَ } الفيء الذي حقه ان يكون للفقراء بلخة يعيشون به وكي جارة تعليله وان المصدرية مقدرة أو ناصبة مصدرية للاستقبال حرف التعليل لام مقدرة.
{ دُولَةً } ما يتداوله الاغنياء { بَيْنَ الأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ } يقال دال المال أو الملك لفلان بمعنى دار اليه وصار له جدا ونصيبا أي كي لا يكون متداولا بين الاغنياء يتكاثرون به أو دولة جاهلية كانت رؤساؤهم يستأثرون بالغنيمة لانهم أهل الرئاسة والغلبة ويقولون من عزيز ومنه قول الحسن في الجورة اتخذوا عباد الله خولا ومال الله دولا وقرىء بالفتح للدال والمعنى واحد وقيل المضموم اسم بمعنى الشيء للتداول كالغرفة والاكلة بالضم بمعنى ما يغرف وما يؤكل والمفتوح مصدر بمعنى اسم مفعول أي مدولا كمصون ومقول كقولك زيد ممرور عليه لكن هذا بناء على جواز نيابة من اولا يجعل للمصدر نائب أو يفقر مضاف أي ذا تداول أو يكون امساكه أو اخذه متداولا أو بأول اسم الفاعل أي دائلا وقرأ هشام تكون بالتاء الفوقية وروي بالتحتيه وكان يرفع دولة على ان الكون تام.
وروي ان الجاهلية اذا غنم اهلها اخذ رئيسهم الربع ويسمى المرباع ثم يختار ما شاء روي ان قوما من الانصار قالوا ان لنا في هذه القرى المفتحة سهما فنزل { وَمَآ آتَاكُمُ الرَّسُولُ } من الفيء وغيره { فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا } فرضوا بذلك واطرد معنى الامر والنهي في كل ما امر به صلى الله عليه وسلم الناس أو نهى عنه من واجب أو مندوب أو محرم أو مكروه وبهذا المعنى يحصل التعميم في قوله تعلى
{ ما فرطنا من الكتاب من شيء
}. وقد استنبط ابن مسعود رضي الله عنه لعن الواشمة وغيرها وقيل: لعن الله الواشمة والمتوشمة والنامصة والمتنمصة والفالجة والمتفلجة والمغيرة خلق الله وبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها ام يعقوب وكانت تقرأ القرآن فاتته فقالت ما حدث بانني عنك وذكرت ذلك فقال مالي لا العن من لعن رسول الله وهو في كتاب الله فقالت: لقد قرأت المصحف فما وجدته فقال: إن قرأته فقد وجدته قال الله سبحانه { وَمَآ آتَاكُمُ الرَّسُولُ } الآية.....
والوشم برز العضو تحشيته بالاثمد والمتوشمة التي تطلب ان يفعل بها ذلك والنامصة التي تنتف الشعر من الوجه من الحاجبين اما من خرج لها في موضع اللحية أو غيره فجائز نتفه بل اجاز بعضهم نتف ما يشوه مطلقا وازالة الشوهة بما كان من قص أو نتف والمتنمصة التي تطلب فعل ذلك والفالجة التي تفلج بين الاسنان والمتفلجة طالبة ذلك وقيل التي تتفلج في مشيها وقد ذكرت اكثر من ذلك في ترتيب لفظ تمناه موسى.
ولقي ابن مسعود رجلا محرما بثيابه فقال له: انزع عنك هذا فقال: اقرأ علي في هذا آية فقرآت الآية عليه { وَمَآ آتَاكُمُ } الخ... قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ عنه صلى الله عليه وسلم:
"من أحدث في أَمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" ، وروي: "من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد" ، وعن ابي رافع: عنه صلى الله عليه وسلم "لألقين احدكم متكئا على اريكته أي ما يتكىء عليه من فراش أو سرير أو غيرهما فيقول لا ادري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه" وقد قال قوم ان الخمر محرمة بهذه الآية.
{ وَاتَّقُوا الله } أي في امر الفيء وغيره { إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ } لمن خالف.