التفاسير

< >
عرض

إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ
١١٧
-الأنعام

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إنَّ ربَّك هو أعْلم } منك ومن غيرك { مَنْ يضلُّ عن سَبيلهِ } أعلم اسم تفضيل، واسم التفضيل لا ينصب المفعول على التحقيق، ولا يضاف لما ليس منه، فليست من مفعولا به لأعلم، لأنه اسم تفضيل ولا مضافاً إليها، لأن الله لا يطلق عليه أنه ممن يضل عن سبيله، بخلاف أرحم الراحمين، وأحسن الخالقين، فإنه يرحم ويخلق، أى ويقدر بمن مفعول ولمحذوف، أى يعلم من يضل، وقال الكوفيون: ينصب المفعول به، وقد يقال: إن اسم التفضيل هنا خارج عن معناه، ومعناه هنا عالم فهو كاسم الفاعل، فنصب المفعول به.
وقرئ يُضل بضم الياء، فيكون ليضل فى هذه القراءة مفعول، أى من يضل الناس فيجوز بالصناعة أن تضيف اسم التفضيل إلى من فى هذه القراءة، لجواز أن تقول أضل الله أحداً، كقوله تعالى:
{ { من يضلل الله } ولكن يتبادر معنى المفعول، أى يعلم من يضل الناس، أو يعلم من يضله أى يضله الله، فيكون من مفعولا لمحذوف، أو علم بمعنى عالم، وإلا فما فائدة قولك: الله أعلم المضلين، اللهم إلا أن يقال: المعنى هو أعلم بطرق الإضلال من غيره من المضلين، وإضلال الله خذلانه، ومعنى أضله صيَّره ضالا، أو وجده ضالاًّ، والأنسب بقوله:
{ وهُو أعْلم بالمهتَدِينَ } أن يكون مَن مفعولا فى قراءة فتح الباء وضمها لمحذوف، أو لأعلم بمعنى عالم، وذلك أن المهتدين هم المعلومون، فيناسبه أن يكون من يضل هو المعلوم، وقراءة الفتح أنسب به، لأن معناه الضال وهو مقابل المهتدى، وأما المضل بفتح الضاد فمقابله المهدى اسم مفعول، ومَنْ اسم موصول أو نكرة منعوتة بقوله: { يضل عن سبيله } والباء للإلصاق.