التفاسير

< >
عرض

وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
١٥٣
-الأنعام

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وأنَّ هذا صِراطِى مُسْتقيماً } لا عوج فيه، ويوصل للجنة، والباء لله أو لرسوله، فإن صراطه صراط الله، والإشارة إلى ما ذكر فى السورة من أولها إلى هذه الآية من التوحيد والنبوة، وبيان الشريعة، أو إلى ما ذكر فيها كلها من ذلك لجواز الإشارة إلى مستقبل ولو وحده، فكيف مع ماض، أو إلى ما ذكر من قوله: { ألا تشركوا } إلى هذه الآية، ومستقيما حال من الخبر، نصبها المبتدأ وصحت له، لأنه اسم إشارة، وقرأ حمزة والكسائى بكسر إن على أن الواو للحال أو للعطف على { ذلك وصاكم به } أو على المجزوم الأول أو الأخير، وصح الكسر باعتبار ما فى التأويل أو التحريم من القول.
وقرأ ابن عامر ويعقوب بالفتح والتخفف، واسمها ضمير الشأن على هذه القراءة، وقرأ الباقون بالفتح والتشديد، ووجه الفتح مع التشديد والتخفيف والعطف على معمول أتل أى أتل ما حرم، وأن هذا، أو على تقدير لام التعليل المتعلقة باتبعوه بعده على أن الفاء فيه صلة للتأكيد، وقرأ ابن عامر صراطى بفتح الياء، وقرأ الأعمش وهذا صراطى، وقرأ ابن مسعود كما فى مصحفه وهذا صراط ربكم، وقرئ وهذا صراط ربك.
{ فاتَّبعُوه } اعملوا به { ولا تتَّبعُوا السُّبل } الأديان ظاهرة المختلفة والطرق التابعة للهوى، فالأديان المختلفة أديان المشركين وأهل البدع فى الدين، وكذا فى الفروع إذا كانت فى الفروع مذاهب ظاهرة البطلان، متعمق فيها، وأما الطرق التابعة للهوى فهى ما لم يدينوا به، لكن اتبعوه تشهياً.
{ فتفرَّق بكُم } أى تتفرق بكم، أى تميل بكم هذه السبل، والنصب فى جواب النهى، وإحدى التاءين محذوفة، والباء للتعدية أى فتفرقكم.
{ عَنْ سَبيلهِ } صراطه المستقيم المؤيد بالوحى والبرهان، وهو سبيل واحد، لأن مقتضى الحجة واحد، وأما ما كان من ديانة، بل حجة صحيحة أو من تشبه فمتعدد لاختلاف العادات والطبائع، ولذلك قال: { ولا تتبعوا السُّبل } جمع سبيل، قال ابن مسعود رضى الله عنه: إن الله سبحانه جعل طريقه طريقا مستقيما، طرفه محمد صلى الله عليه وسلم، وشرعه ونهايته الجنة، وتشعب منه طرق، فمن سلك الجادة نجا، ومن خرج إلى تلك الطرق أفضت به إلى النار، وقال:
"خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال: هذا سبيل الله ثم حفظ عن يمين ذلك وعن شماله خطوطا وقال: هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليها، واقرءوا: { وإن هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله }" وفى رواية: ثم قرا هذه الآية.
{ ذكُم } أى ذلكم المذكور من الاتباع لصراطه المستقيم، والانتهاء عن اتباع السبل المأمور به بالنهى عن اتباعها { وصَّاكُم به } بالمحافظة عليه { لَعلَّكُم تتَّقُون } التفرق عن دينه، والدخول فى الضلال، أو أو تتقون السبل.