التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٢٧
-الأنعام

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ولَو تَرى إذْ وقفُوا على النَّار } أحضروا على شفيرها، وقيل: على بمعنى فى، أى وقفوا فيها، أى أحضروا فيها، وجواب لو محذوف تهويلا، أى لرأيت أمراً عظيماً فظيعاً، ووقف هنا متعد لبنائه للمفعول مع كون النائب ضميراً وكذا لو كان ظاهراً بخلاف ما إذا كان النائب ظرفاً أو جاراً أو مجروراً أو مصدراً، فلا يدل على التعدى، ومثله فى التعدية قوله تعالى: { وقفوهم } ويكون أيضاً لازماً فيعدى بالهمزة أو بالتشديد، وقرئ: { ولو ترى إذ وقفوا } ببنائه للفاعل من وقف اللازم ومصدر المتعدى الوقف واللازم الوقوف، وقيل معنى وقفوا فى القراءتين من وقف على الشئ بمعنى اطلع على حقيقته، فهذا بعد الدخول فيها صحيح، وكذا إذا أحضروا على شفيرها، وكذا إذا رأوها قاصدة إليهم وحققوها، وكذا على معنى أنهم يرونها من بعيد غير قاصدة إليهم، إذ لا ينافيه قوله:
{ فقالُوا يا ليتَنَا نُردّ } لأن المعنى نرد إلى الدنيا، وهذا مما يقولونه ولو رأوها غير قاصدة إليهم { ولا نُكذِّب بآيات ربِّنا } لو رددنا إلى الدنيا { ونكون مِنَ المؤمنين } فيها وجملة لا نكذب، وجملة نكون من المؤمنين معطوفتان على نفس ليت ومعموليها، فلم يسلط عليها التمنى إذ لم تعطف على معمولها، كأنه قيل قالوا: يا ليتنا نرد، وقالوا: لا نكذب بآيات ربنا، وقالوا: نكون من المؤمنين إن رددنا، أو بمعنى لا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين رددنا إلى الدنيا، أو لم نردد وعندى لا تثبت واو الاستئناف، بل هى عاطفة وصلا فى مقام الفصل لحكمة لطيفة تطلب الوصل، ويجوز عطفهما على جملة نرد فيتسلط عليهما التمنى، ويجوز أن تكون الواو للحال، لأن المضارع منهى فلا يحتاج إلى تقدير المبتدأ، فإن جعلنا تكون معطوفاً على الحال قدرنا فيه المبتدأ، أى ونحن نكون إلا إن صح أن هذا مما اغتفر فيه نواتيه ما لا يغتفر فى أوائله، ويقف فى غير العطف على نرد، قوله تعالى: { وإنهم لكاذبون } لأن عطفهما على نرد يصيرهما من التمنى، والتمنى إنشاء لا يحتمل الصدق والكذب، ووجه العطف على نرد مع ذلك أن التكذيب معتبر فيه ما تضمنه التمنى من الإخبار من أنهم لو رجعوا لصدقوا وآمنوا، وقرأ حمزة ويعقوب وحفص: لا نكذب ونكون بالنصب، بأن على المعية الفعل بعد الواو الواقعة فى جواب التمنى، وقرأ ابن عامر بنصب نكون وحده على ذلك، أو فى جواب النفى.