التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُمْ مِّنَ ٱلْحَقِّ يُخْرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ
١
-الممتحنة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّى } بوزن صبور لكنه فيه ادغام { وَعَدُوَّكُمْ } كفار قريش { أَوْلِيَاءَ } مفعول ثان وغير كفار قريش داخل بلفظ الاية في النهي ولو كانت الاية في خصوص قريش بل نقول لفظها ومعناها في كل كافر ومن نزلت فيه من الكفار بعض منهم.
{ تُلْقُونَ } حال من واو تتخذوا أو نعت لاولياء مربوط بالهاء في قوله { إِلَيْهِم } جار على غير ما هو له ولم يبرز الضمير بان يقال تلقون انتم لان ابرازه شروط في الاسم دون الفعل كذا قيل قلت بل ابرازه شرط في الاسم والفعل نحو زيد عمر وضربه هو إذا كان الضارب زيدا بل ظهور الواو في الآية كاف مع بداية الفعل بالتاء الخاطبية على انه لو قيل انتم كان توكيدا للواو لا فاعل اللهم إلا ان يجهل الواو علامة ولا شك انه لا ضمير مستتر في الفعل ولم يشترط كثيرا الابراز إذا امن اللبس أو الجملة مستأنفة.
{ بِالمَوَدَّةِ } المحبة والنصحية مصدر ميمي والباء وحذفت الباء زائدة للتوكيد أو سببية والمفعول محذوف أي تلقون اليهم اخبار رسول الله صلى الله عليه سلم بسبب المودة واخبار المسلمين ملحقة باخباره الى الآن والفعل مبني للفاعل اصله تلقيون بكسر القاف نقلت اليها ضمة الياء وحذفت الياء للساكن.
{ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَآءَكُمْ مِّنَ الحَقِّ } الوحي وقرأ الجحدري لما جاءكم بلام مكسورة أي كان ما يجب ان يكون سببا لايمانهم سبباً لكفرهم والجملة حال مترادفة من واو تتخذوا أو متداخلة من واو تلقون وان لم تجعل تلقون حالا فلا ترادف ولا تداخل.
{ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ } من مكة حال من واو كفروا أو استئناف كالبيان للكفر وإيا مفعول لمحذوف الاصل ويخرجونكم ولما حذف العامل انفصل الضمير وفائدة إعادة العامل تقوية التنبيه والانفصال دليل عليها وليس إيا معطوفا على الرسول ولو كان ذلك المعنى مرادا لقال يخرجونكم والرسول لامكان الاتصال وقد يقال اياكم تحذير أي ويقولون اياكم ان تؤمنوا بالله ربكم أو ضمن يخرجون معنى يقولون وعلى التحذير فاصل العبادة اياكم ان تؤمنوا بالذي تقولون انه إلهاكم وربكم وهذا ممكن ممن يقول بوجود الله على معنى لا توحده بل اشركوا به وما ظهر لي إلا الوجهات وحفظت عن المرادي وتباعه ان مسوغ الانفصال كون الضمير مفصولا من عالمه بمتبوع.
{ أَن تُؤْمِنُوا } مفعول لاجله على حذف مضاف أي كراهة ان تؤمنوا ويقدر حرف التعليل أي لان تؤمنوا أو بان تؤمنوا { بِاللهِ رَبِّكُمْ } واخراجهم هو تضييقهم عليهم حتى خرجوا والخطاب في تؤمنوا وربكم وغيرهما تغليب الخطاب في قوله أياكم على الغيبة في قوله الرسول ورب بدل أو بيان أو نعت فافهم ومقتضى قوله عدوي ان يقول ان تؤمنوا بي وجاء بطريق الالتفات من التكلم للغيبة.
{ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ } جواب ان محذوف دال عليه لا تتخذوا أي ان كنتم خرجتم عن اوطانكم.{ جِهَاداً } مفعول لاجله { فِى سَبِيلِى وَابْتِغَآءَ مَرْضَاتِى } فلا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء وقيل لا جواب لاداة الشرط في مثل ذلك للاستغناء بما قبلها عنه ولو ذكر كان تركزا دون فائدة.
{ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالمَوَدَّةِ } بدل من تلقون أو استئناف أي لا طائل لكم في الاسرار وقد علمتم ان الاخفاء والاعلان سيان عندي وانا مطلع رسولي على ما ترون.
{ وَأَنا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ } أي اظهرتم واعلم اسم تفصيل أي اعلم منكم أو فقل مضارع والباء زائدة في معولة والأولى أولى وما موصول اسمي أي بما اخفيتموه وما اعلنتموه أو حرفي أي باخفائكم واعلانكم والمراد ما اسروا وما اظهروا من المودة وغيرها والمراضاة مصدر ميمي كالمودة قرنا بالتاء شذوذاً واجاز بعض كون تسرون حلا من واو تلقون وكونه خبراً لمحذوف.
{ وَمَن يَفْعَلَهُ } أي الاتخاذ أو الاسرار { فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ } مفعول ضل وعداه لتضمنه معنى اخطأ أو تعدى أي فقد اخطأ معتدل السبل مستقيمة والسواء في الاصل الوسط وعبارة بعض ان السواء الوسط ويجوز كونه ظرفا والسبيل دين الله.