التفاسير

< >
عرض

وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى ٱلْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُواْ ٱلَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ أَنتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ
١١
-الممتحنة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَإِن فَاتَكُمْ } سبقكم وانفلت منكم { شَىْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الكُفَّارِ } أي لحقت زوجة أو زوجتان أو اكثر بالكفار مرتدات وقرأ ابن مسعود وان فاتكم احد منا ازواجكم وايقاع شيء موقع احد للتحقير والمبالغة في التعميم أو اراد شيء من مهورهن بالذهاب الى الكفار ارتدادا.
{ فَعَاقَبْتُمْ } غزوتم فعنمتم فالمعاقبة اصابتهم بعقاب. فتلا وغنما قاله الزجاج وقيل: معنى عاقبتم ظهرتم وكانت العاقبة لكم وليست هذه المعاقبة بمعنى مجازاة السوء بالسوء وقد فسرها بعض بالغنم وفسرها مجاهد بالاصابة وروي انه قرأ فاعقبتم وقال: المعنى صنعتم بهم كما صنعوا بكم وهذه مجازاة وقيل من العقبة وهي التوبة شبه ما حكم به على المؤمنين والكافرين من أداء هؤلاء مهور نساء اولئك تارة واولئك مهور نساء هؤلاء تارة بأمر يتعاقبون فيه كما يتعاقب في الركوب وغيره أي فجاءت عاقبتكم من اداء المهر وقيل اصبتم عقبى وهي الغنيمة وقرىء فعقبتم بالتشديد وقرىء بالتخفيف بفتح القاف وقرىء بالتخفيف وكسرها وقيل: معنى اعقبتم دخلتم في العقبة ومعنى عقبتم بالتشديد والتخفيف جاء فعلكم بعد فعلهم وفسر الزجاج القراءات غير قراءة الالف بقوله كانت العقبى لكم.
{ فَأتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمِ } إلى الكفار { مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا } من مهور المهاجرات ولا تؤتوه زوجها الكافر وانما يؤتونهم من الغنيمة قيل قسمها قاله قتادة: وقال ابن شهاب يعطى من أي وجه الفيء ما امكن والحق بالمشركين من نساء المؤمنين ست ام الحكم بنت ابي سفيان كانت تحت عياض بن شداد الفهري وفاطمة بنت ابي امية كانت تحت عمر بن الخطاب اخت ام سلمة لما اراد الهجرة ابت واردت وبروع بنت عقبة كانت تحت شماس بن عثمان وعبدة بنت عبدالعزي بن نضلة كانت تحت عمرو بن عبد وهند بنت أبي جهل بن هشام كانت تحت هشام بن العاص بن وائل وأم كلثوم بنت جرول كانت تحت عمرو أيضا ارتددن فأعطى صلى الله عليه سلم أزواجهن من الغنيمة ما أنفقوا عليهن من المهور.
واختلف في رد مهر من اسلمت من النساء من ازواجهن هل واجب أو مندوب مثارة هل وقع الصلح على رد الرجال والنساء أو على الرجال فقط واختلف هل يجب رد المال اليوم أو يندب اذا شرط في معاقدة الكفار فقال قوم: يجب والاية غير منسوخة ويرد عليهم ما انفقوا وقال عطاء ومجاهد وقتادة لا يجب وان الاية منسوخة وصحح فمن جاءت مهاجرة لم يردوا مهرها لزوجها.
{ وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِى أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ } فإن الايمان يقتضي التقوى فوائد قال عكرمة كان العبد إذا جاء مسلما ومولاه مشرك كان حرا، قال بعضهم هذا إذا كان ميسره معاهد قال جابر بن عبد الله بايع مملوكك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعلم انه عبد ثم علم فاشتراه من ميسرة بغلامين زعم بعض ان سيده معاهد واسلم غيلان بن سلمة على عشرة نسوة وأسلمن معه فأمر صلى الله عليه وسلم ان يختار منهن اربعاً ووجد يوم الفتح عند عتبة بن عمرو خمسا فامره بطلاق واحدة فطلق دجاعة بنت الصلت وتزوجها رجل اسمه عامر فولدت له عبدالله ومن أسلم على اختين اختار واحدة كما امر صلى الله عليه وسلم مرور الدئلي ومن اسلم على أكثر من أربع فليختر أربعا وقيل: الأربعة الأوائل وقيل: فيمن أسلم على أختين فليختر الأولى يقولون ما لا يصلح نكاحه في الاسلام فهو الذي يفارق.
والصحيح ما ذكرنا اولا ومن اسلمت قبل زوجها بانت بواحدة فإن اسلم خطبها فتكون عنده على اثنتين وقيل: ان اسلم في عدتها فهو احق بها واسلمت امرأتا سهيل من عمر وعكرمة بن ابي جهل فاقاما على نكاحهما وإذا اسلمت قبل زوجها فرق بينهما وعن علي هو احق بها ما كان في دار الهجرة وعن عمر انه خير امرأة اسلمت ثم اسلم زوجها وقيل: يعرض عليه الاسلام فإن اسلم فهي له وإن كانا يهوديين أو نصرانيين واسلم قبلها فهما على نكاحها وان اسلمت قبله فرق بينهما والاسلام يعلو.
وفي المسألة خلاف وعن الحسن في المجوسيين اذا اسلم احداهما فرق الاسلام بينهما لا إن اسلما جميعاً في وقت واحد وان ارتد الرجل وله زوجة مسلمة فلا تتزوج ولا تعتد حتى يعرض عليه الاسلام فإن تاب فهي له امرأة وإلا قتل واعتدت عدة المطلقة وان ارتد ولحق بالشرك واعتدت من ذلك الحين. وعن الحسن في نصرانية تسلم قبل ان يدخل بها النصراني انه يفرق بينهما ولا شيء لها وقيل إن أبى أن يسلم فلها نصف الصداق لان الاباء جاء منه.