التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٢
-الممتحنة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَآءَكَ المُوْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ } حال من المؤمنات أي يشرعن في المبايعة أو مريدات لها والسكون بناء لاجل نون الاناث نزلت الاية يوم الفتح وفيه بايع الرجال وفي اليوم الثاني بايع النساء وقرأ عليهن الآية وكلام بعض يوهم نزولها في الثاني وليس كذلك وظاهر بعض انه بايعهن في اليوم الاول بعد مبايعة الرجال فرغ من بيعة الرجال وهو على الصفا فأتته النساء يبايعن وفيهن هند بنت عقبة امرأة ابي سفيان متنقبة متقنعة متنكرة خوفا منه صلى الله عليه وسلم فبايعهن على اشياء كما قال جلا وعلا { عَلَى أَن لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً } فرفعت هند رأسها لما تلا هذا وما يأتي وقالت والله انك لتأخذ علينا أمر ما أخذته على الرجال ولقد عبدنا الاوثان وذلك انه بايعهم على الاسلام والجهاد ولم يفصل شيئا ولم يزد.
وعن عطية بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأعلينا ان لا يشركن بالله شيئا ونهانا عن النياحة فضربت منا امرأة يدها وقالت فلانة اسعدتني وانا اريد ان اسعدها ولم يقل لها شيئا ثم رجعت فبايعها وفي الحديث:
"ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية" وروي ان نساء قلن اسعدتنا نساء في الجاهلية فنسعدهن فقال الاسعاد في الاسلام وفي الحديث: "تأتي النائحة يوم القيامة ان لم تتب وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ولعن النائحة والمستمعة" .
{ وَلايَسْرِقْنَ } لما قرأه عليهن "قالت هند إِن ابا سفيان رجل شحيح وإِني أَصبت من ماله هنات أي أشياء فلا أَدري أًيحل لي أًَم لا فقال أَبو سفيان ما أصبت في ما مضى وما تصيبين في ما غير حلال لك فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وعرفها فقال: إِنك لهند بنت عتبة قالت: نعم فاعف عما سلف عفا الله عنك" .
{ وَلايَزْنِينَ } قالت هند أو تزن الحرة وروي انها قالت ما زنت منهم امرأة قط. { وَلايَقْتُلْنَ } وقرىء بالتشديد { أَوْلادَهُنَّ } قالت هند ربيناهم صغارا وقتلناهم كبارا وروي وقتلتموهم كباراً فانتم وهم اعلم وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتل يوم بدر فضحك عمر رضي الله عنه حتى اسلقى وتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم واراد بقتل الاولاد وذم البنات الذي فعلته الجاهلية ثم هوعام في كل نوع من قتل الولد.
{ وَلايَأْتِينَ } الياء لام الكلمة والنون ضمير الاناث { بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ } قالت هند والله ان البهتان لامر قبيح وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الاخلاق أي بولد تلتقطه وتنسبه للزوج وتقول هذا ولدي منك ومعنى بين ايديهن وارجلهن ان الولد إذا وضعته الام سقط بين يديها ورجليها وقيل ان بطنها الذي تحمله فيه بين يديها ورجليها وقيل هو بين يديها وإذا وضعته كان بين رجليها فوصف اللقيط بوصف الولد الحقيقي وقيل المراد كل بهتان ولم يرد الزنا لانه سبق النهي عنه.
{ وَلا يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍ } قالت هند ما جلسنا مجلسنا هذا وفي انفسنا ان نعطيك في شيء وقيد بالمعروف وهو الشيء الحسن مع انه صلى الله عليه وسلم لا يأمر الاية تنبيها على انه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والمراد بالمعروف الفرض والمندوب تركا وفعلا وعن الحسن ترك النياحة ومحاذاة الرجال إلا محرما وقيل أن لا ينحن ولا يدعون بالويل ولا يمزقن الثياب ولا يحلقن الشعر ولا ينتفنه ولا يخمشن الوجه ولا تحدث المرأة الرجال الاجانب ولا تخلو برجل غير ذي محرم ولا تسافر مع غير ذي محرم ولا ينشرن شعرا.
{ فَبَايَعْهُنَّ } إذا بايعنك بضمان الثواب على الوفاء بهذه الاشياء روي انه لما ذكر ذلك قلن نبايعك على ذلك وذكرته واحداً واحدا ولما فرغن قال: فيما استطعتن وأطقتن فقلن الله ورسوله أرحم بنا منا لأنفسنا وفيهن أميمة بنت رقيمة وما كانت المبايعة إلا بالقول واجمعوا انه لم يمس يد امرأة منهن وهن اربعمائة وسبع وخمسون وعن عائشة
"انه بايع باللسان وقال: إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة فافهم، قالت: قال: اذهبن قد بايعتكن" .
وروي أن عمر في الصفا تحته صلى الله عليه وسلم يبايعهن بأمره صلى الله عليه وسلم ويبلغهن عنه وذلك بالقول وقيل: صافحهن صلى الله عليه وسلم بيده وكان على يده ثوب، وروي وعلى يده خرقة أو ثوب وقيل دعا بقدح من ماء فغمس فيه يده ثم غمس فيه ايديهن.
{ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } روي ان ناساً من نفراء المسلمين يواصلون اليهود ليصيبوا من ثمارهم قيل يخبرونهم باخبار المسلمين فنزل.