التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
١٠
-الجمعة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلٰوةٌ } أديت { فَانتَشِرُوا فِى الأَرْضِ } تفرقوا فيها { وَابْتَغُوا } اطلبوا { مِن فَضْلِ اللهِ } من رزقه وذلك اطلاق بعد حصر ولا يخفى انه اباحة بعد منع واراد الطلب مع التلبس بذكر الله وليس الانتشار أو الابتغاء واجبين وان قعد في المسجد فافضل وانما الاية مثل وإذا حللتم فاصطادوا فإنهم إن لم يصطادوا فلا بأس وقوله فكاتبوهم إن علمتم فيه خيرا وقوله وللمطلقات متاع إلا التي تطلق قبل الدخول فلها المتعة فرضا.
وكان بعضهم إذا صلى الجمعة انصرف إلى باب المسجد فقال اللهم أجبت دعوتك وصليت فريضتك وانتشرت كما امرتني فارزقني من فضلك وانت خير الرازقين وعن ابن عباس وانس ابتغاء الفضل عنا عيادة المريض وحضور الجنازة وزيارة أخ في الله وفي، وهذا ينبغي ان يكون المرء بقية يومه وقال الحسن وسعيد بن المسيب ومكحول الفضل المبتغي العلم فينبغي طلبه بعد صلاة الجمعة وقيل صلاة النافلة وكان بعض السلف لا يشغل نفسه بعد صلاة الجمعة بشيء من الدنيا عملا بالاية.
{ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً } في جميع احوالكم إلا حال قضاء الحاجة ونحوه ولا تخضوا الذكر بالصلاة وذلك ذكر باللسان ولكن لا يعتد به ما لم يحضر القلب وقيل ذكره طاعته ولا يكون قيل احد ذاكرا لله كثيرا إلا ان ذكره قائما وقاعدا أو مضطجعا وعن معاذ بن جبل واشيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله.
{ لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } تفوزون بخير الدنيا والآخرة وروي ان أهل المدينة أصابهم جوع وغلاء شديد فقدم دحية بن خليفة الكلبي وهو الذي يجيء جبريل على صورته وكان إذ ذاك مشركا ثم أسلم بعد تجارة من الشام زيت ودقيق وبر وغير ذلك من الطعام والنبي صلى الله عليه سلم يخطب يوم الجمعة وكان إذا جاء ضرب الطبل ايذاناً بقدومه فيجيء الناس للبيع منه وذلك في احجار الزيت وهو مكان وفي سوق المدينة وبه ينزل ولا تبقى عاتق فضلا عن غيرها إلا اتته للاحتياج ولرؤية وجهه ولما رأوه بالبقيع وقيل لما سمعوا الطبل قاموا اليه خشية ان يسبقوا اليه ولم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثمانية فيهم ابو بكر وعمر وقيل احد عشر وقيل اثني عشر رجلا وامرأة وقيل اربعون فقال صلى الله عليه وسلم:
"والذي نفس محمد بيده لو خرجوا جمعيا لضرم الله عليهم الوادي نارا" وروي "لو تبايعتم لاحاط بكم الوادي نارا" وروي "لو تتابعتم حتى لايبقى منكم احد لسأل بكم الوادي نارا" وقال "لولا هؤلاء لسومت لهم الحجارة من السماء" وكان فيمن بقي جابر بن عبد الله وعمار ابن ياسر وبلال وابن مسعود وعثمان وعلى وطلحة والزبير وغيرهم فنزل.