التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَارَةِ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ
١١
-الجمعة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا } ذهبوا وتفرقوا عنك { إِلَيْهَا } والأصل أو لهو انفضوا إليها وحذف للدلالة إليه فالأصل وإذا رأوا تجارة انفضوا أليها وحذف للدلالة وقرىء انفضوا إليها والأفراد عندي أولى والتجارة غير دحية واللهو الطبل والتصفيق كانوا يتلقون العير بالطبل والتصفيق والصياح والمعازف سرورا عن قتادة فعلوا ذلك ثلاث مرات في كل مقدم عير وقيل: اللهو النظر الى وجهه وقيل كان سودان يلعبون بالمدينة للهوا وقيل: أعاد الضمير للتجارة وحدها لانها اهم وهي كانت سبب للهو وعطف اللهو للدلالة على ان منهم من انفض لمجرد سماع الطبل وروية دحية أو للدلالة على ان انفضاض الى التجارة مع الحاجة اليها إذا كان مذموما كان الانفضاض الى اللهو اقبح.
{ وَتَرَكُوكَ قَائِماً } على المنبر تخطب للجمعة وفيه دليل على انه صلى الله عليه وسلم يخطب قائما كما سئل ابن مسعود اكان صلى الله عليه وسلم يخطب قائما أو قاعدا فقال أو ما تقرأون وتركوك قائما وكذلك يجب ان نفعل لكن نفصل بجلسة ولا باس بتركها وروي انه صلى الله عليه وسلم يجلسها رواه ابن عمر وجابر بن سمرة قال: يقرأ القرآن ويذكر الناس ومن حدثك انه يخطب جالسا فقد كذب ودخل كعب بن عجرة المسجد وعبد الرحمن بن الحكم يخطب جالسا فقال: انظروا الى هذا الخبيث يخطب جالسا وقد قال الله { وَتَرَكُوكَ قَائِماً }.
ولم يشترط ابو حنيفة واحمد القيام ولا القعود وتشترط الطهارة في الخطبة في أحد قولي الشافعي واقل الخطبة ان يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويوصي بالتقوى ويجب ان يقرأ قبل ان يجلس أيه ويدعو للمؤمنين بعده وان ترك بعض ذلك لم تتم جمعته عند الشافعي
"قال جابر بن سمرة كنت اصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا وقال صلى الله عليه وسلم: كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء وكل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم" وعن جابر بن عبدالله: "كان صلى الله عليه وسلم يحمد الله ويثني في الخطبة ثم يعلو صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر بجيش يصبح أو يمسي ويقول بعثت انا والساعة كهاتين يفرق بين السبابة والوسطى ويقول اما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الامور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ثم يقول انا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالا فالأهله ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي" .
وعن ابن مسعود: كان إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا ويسن للأمام إذا صعد المنبر ان يستقبل الناس ويسلم عليهم عند الشافعي خلافا لابي حنيفة ومالك في التسليم ويحرم الكلام على مستمع الخطبة دون الخطيب على ما صححوا وإذا دخل والامام يخطب صلى تحية المسجد عنده خلافا لابي حنيفة ومالك ولغواً من قال لصاحبة انصت ولكن يشير وحصب ابن عمر رجلين يتحدثان والامام يخطب ان اسكتا والحصب الضرب بالحصباء وان مفسرة.
وكان صلى الله عليه وسلم
"أذا تشهد قال: الحمد لله نستعينه وستغفره ونعوذ بالله من شرور أَنفسنا من يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا إله إلا الله واشهد ان محمداً عبده ورسوله ارسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئا" ، وروي ومن يعصيهما فقد غوى ونسأل الله ربنا ان يجعلنا ممن يطيعه ويطيع رسله ويتبع رضوانه وان يجتنب سخطه إنا نحن به وله.
قال ابن شهاب خروج الامام يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام وان نفر الناس عن الامام فإن بقي وحده أو في اقل من ثلاثة فعند ابي حنيفة يستأنف الظهر اربعاً ان نفروا قبل الركوع وقال صاحباه اذا كبر وهم معه مضى فيها وقال زفر إذ انفروا قبل التشهد بطلت وهي ركعتان يجهر فيهما بالفاتحة وسورة وكان صلى الله عليه وسلم وأبو هريرة يقرأون الجمعة في الأولى وسورة المنافقين في الثانية وكان ابو هرير خليفة في المدينة عن مروان عند سفره إلى مكة وعن النعمان بن بشير كان صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسورة الاعلى والغاشية ووقتها الزوال.
قيل: وكانت الخطبة بعد الصلاة ثم حولت قبلها ووقتها ممتد الى وقت العصر فإذا دخل العصر صلوا اربعا ولا يبتدىء الخطبة قبل تمام العدد وهو اربعون عند الشافعي فلو نقص واحد قبل الدخول في الصلاة صلوا اربعاً واصح اقوال الشافعي فيما قيل ان الاربعين شرط الى آخر الصلاة ولو نقص واحد قبل التسليم صلوا اربعاً وقيل: ان بقي معه اثنان اتموها جمعة وان ادرك المسبوق أقل من ركعة أتم أربعا وإن أدرك ركعة فإذا سلم الامام أتمها جمعه.
وقال المزني: ان انفضوا بعد ما صلى بهم الامام ركعة اتمها جمعة ولو وحده وان كان في الاولى اتمها اربعاً وان نقص من العدد واحد ونسب لابي حنيفة.
{ قُلْ مَاعِندَ اللهِ } من ثواب الصلاة والثبات مع النبي صلى الله عليه وسلم { خَيْرٌ مِّنَ اللَّهُوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ } في نفسه وتخليده وتحقيقه بخلاف اللهو والتجارة.
{ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } كل من ينفق على احد فهو رازق أي منفق من رزق الله سبحانه والله خير من يرزق فعليه توكلوا ومنه اطلبوا.
اللهم ببركة نبيك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة اخزي النصارى واهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله واصحابه وسلم.