التفاسير

< >
عرض

إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ
١
-المنافقون

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إِذَا جَآءَكَ المُنَافِقُونَ } عبد الله بن أُبي بن سلول واصحابه { قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ } بألسنتنا وقلوبنا { واللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ } حقا { وَاللهُ يَشْهَدُ } يعلم.
{ إِنَّ المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } لانهم وإن قالوا بالسنتهم انك لرسول الله لم يعتقدوا رسالتك في قلوبهم والشهادة اخبار عن علم من الشهود وهو الحضور والاطلاع ولذلك صدق الله المشهود به وكذب الشاهدين في ادعائهم مواطاة قلوبهم لالسنتهم لان القلب إذا خلا عن المواطأة للسان لم تكن شهادة الحقيقة فهم كاذبون في تسيمة ذلك شهادة وقال والله يعلم انك لرسوله لئلا يوهم قوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون ان ادعاء الرسالة كذب وانه صلى الله عليه وسلم غير رسول فإن نفس الرسالة صحيح ونفس إيمائها صحيح والكذب انما جاء من حيث لم تواطىء قلوبهم السنتهم أو أدوا لله يشهد انهم لكاذبون عند انفسهم لانهم كانوا يعتقدون ان قولهم انك لرسول الله كذب وخبر على خلاف ما عليه حال المخبر عنه وقيل: قالوا اذا التقينا المشركين شهدنا عندهم انك رسول الله.
والكذب عند الجمهور عدم مطابقة الخبر للواقع ولو طابق الاعتقاد وقال النظام عدم مطابقة الاعتقاد المخبر ولو كان اعتقاده خطاء مستدلا بالآية فإنه سبحانه اطلق عليهم انهم كاذبون في قولهم انك رسول الله مع مطابقة للواقع وهو انه رسوله حيث خالف خبرهم معتقدهم الذي هو انه غير رسول الله ورد بأن المراد كاذبون في ادعائهم انا نشهد بقلوبنا كالسنتنا انه رسول الله وما قيل ان الكذب راجع الى نشهد وانه خبر غير مطابق للواقع ليس بشيء لظهور انه ليس بخبر بل انشاء والانشاء لا يوصف بالصدق أو الكذب.
إلا ان قلنا انهم قالوا نشهد برسالتك عند المشركين كلما لقبناهم كما اشار اليه الشيخ هود ـرحمه الله ـ فإنه صح انه خبر ويمكن رد استدلال النظام ايضاً بأن المراد كاذبون في تسميتها شهادة لعدم مواطأة القلب كما ذكره جار الله وكما مر ورده السعد بأن مثل هذا يكون غلطا في إطلاق اللفظ لا كذبا لأن تسمية شيء ليست اخبار أو لو سلم فاشتراط المواطأة في مطلق الشهادة ممنوع انتهى.
قلت لا نسلم ان ذلك غلط لانهم قالوه قصداً لاسبق لسان ولا نسلم ان تلك التسمية ليست خبرا بل خبر لأن مضمونها بحسب اللفظ انك رسول الله في نطقنا واعتقادنا وليست هذه مطلق شهادة حتى لا يشترط فيها مواطأة الاعتقاد بل شهادة عما في القلب في زعمهم بشهادة ان واللام والجملة الاسيمة ويمكن رد استدلال النظام ايضا بأن المراد كاذبون في ادعاء مواطأة قلوبهم وبأن المراد كاذبون في زعمهم انهم لم يقولوا لاتنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا وابسط ذلك في المعاني.