التفاسير

< >
عرض

وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ
١٠
-المنافقون

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم } من للتبعيض والمراد الزكاة قاله ابن عباس يعني وما كان واجبا كمال يصرفه الحاج عن نفسه ومال ينفقه الرجل على من لزمته نفقته وقال جماعة المراد النفقة الواجبة والمندوبة وقيل نفقة الحج.
{ مِّن قَبلِ أَن يَأَتِىَ أَحَدَكُمُ المَوْتَ } أي دلائله ويعاين مآسيه معه من الامهال ويفوت وقت العمل والقبول فيتحسر على المنع وبعض انامله على فقد ما كان متمكنا منه كما قال الغفور الرحيم { فَيَقُولَ } يا { رَبِّ لَوْلا } حرف تحضيض أو لا زائدة واو حرف تمن { أَخَّرْتَنِى } امهلتني واخرت موتي وقرىء باسقاط الياء { إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ } زمن قريب قليل استدرك فيه الفوت واوسي الجرح وعن ابن عباس: أرادوا بالأجل القريب مثل أجهلم في الدنيا وعمر العبد قليل.
{ فَأَصَّدَّقَ } بالنصب في جواب التحضيض أو التمني واصله اتصدق ابدلت التاء صادا وادغمت وقرأ ابي بالاصل { وَأَكُن } بالجزم عطفا على المعنى اعني على تقدير اسقاط الفاء من قوله فاصدق فيكون مجزوما في جواب التحضيض أو التمني فيعطف عليه بالجزم أي ان اخرتني اصدق واكن، { مِّنَ الصَّالِحِينَ } بالتدارك ويسمى مثل ذلك العطف في غير القرآن عطف توهم قال ابن هشام: قال السيرافي والفارسي: عطف على محل فأصدّق ليست في محل جزم كما هي في محله في ومن يضلل الله فلا هادي له انتهى ومثل قولهما.
قال القاضي: ولعل مراد القاضي ومرادهما ان اصدق في تأويل مصدر خبر لمحذوف والجملة جواب شرط محذوف أي ان اخرتني فامري التصديق وقرأ عمرو واكون بالنصب عطفا على اللفظ وقرا عبيد بن عمير بالرفع أي وانا اكون فذلك عدة بالصلاح وعن ابن عباس تصدقوا من قبل ان ينزل عليكم سلطان الموت فلا تقبل توبة ولا ينفع عمل وعنه ما يمنع احدكم اذا كان له مال ان يزكي واذا اطاق الحج ان يحج من قبل ان يأتيه الموت فيسأل ربه الكرة فلا يعطاها وعنه نزلت في مانعي الزكاة وقال: والله لو رأى خير لما سأل الرجعة فقيل له: أما تتقي الله يسأل المؤمنون الكرة قال: نعم انا اقرأ عليكم به قرآنا يعني انها نزلت في اهل القبلة كما قال عكرمة والحسن القائل ما من احد لم يزك ولم يصم ولم يحج الا سأل الرجعة قيل معنى فاصدق فاحج وقيل غير ذلك على حد ما مر في الانفاق والآية تدل على ان وصية الحقوق التي لا خصم فيها من الثلث كالكفارة والعتق فإن التحسر عن التصدق انما هو لفوته اياهم إلا من الثلث اذ لو كان يصح على كل كيفية ارادوها لما تحسروا لانه انما يتحسر الانسان عما فاته ولو كانوا يدركون كل ما اوصوا به ولو فوق الثلث لاوصوا به وزال التحسر عنه وفي الزكاة من الايضاح تلويح بذلك.