التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٤
-التغابن

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُواً لَّكُمْ } يشغلكم عن الله يخاصمكم في أمر الدين والدنيا ويضركم ومن للتبعيض قال عطاء بن ياسر وعطاء بن ابي رباح: نزلت في عوف بن مالك الاشجعي وكان ذا اهل وولد فإذا اراد ان يغزو تعلقوا به وبكوا اليه ورققوه وقالوا الى من تدعنا فيثبطوه وندم وهم بعقابهم فنزل قوله { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُواً لَّكُمْ }.
{ فَاحْذَرُوهُمْ } أي جميع الازواج والاولاد لأن منهم عدوا ولا يخلون عن منع عن خير فلا تأمنوا غوائلهم.{ وَإِن تَعْفُوا } بترك المعاقبة { وَتَصْفَحُوا } بالاعراض وترك كثرة الملامة { وَتَغْفِرُوا } تستروا خطاياهم ولا تعاقبوهم.
{ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } يثيبكم ويتفضل عليكم كما عفوتم وصفحتم وغفرتم وقال الكلبي: ان الرجل إذا اراد الهجرة تعلق به ولده وزوجته فقالوا له ننشادك الله ان تذهب وتتركنا فنضيع، فمنهم من يطيع امرهم فيقيم فحذرهم الله أياهم ومنهم من يمضي على الهجرة ويقول اما والله لان لم تهاجروا معي وابقاكم الله حتى تجتمعوا معي في دار الهجرة لا انفعكم بشيء أبدا فلما جمعهم الله أنزل * { وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } حضا على الاحسان اليهم وقال ابن عباس: أسلم رجال من أهل مكة وأرادوا أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأبى أزواجهم وأولادهم ولما أتوه رأوا الناس قد فقهوا وفهموا بالعتاب فنزل ذلك.
وروي انهم قالوا اين تذهبون وتدعون بلدكم وعشيرتكم واموالكم فغضبوا وقالوا لان اجتمعنا لم ننفعكم وهاجروا وروي انهم قالوا صبرنا على اسلامكم ولا صبر على فراقكم فتركوا الهجرة ثم هاجروا فرأوا من سبقهم بالهجرة فقهوا فلم ينفقوا عليهم ولم يصيبوهم بخير لانهم منعوهم منزل ذلك وقال الحسن: ان العدو من الازواج والاولاد من لم يؤمن وكانوا يؤذونهم على اسلامهم فأمرهم الله بالعفو وقال مجاهد يحمل الرجل حب ولده وزوجته على قطعية رحمه ومعصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الحديث
"ليس عدوك الذي ان قتلك ادخلك به الله الجنة وان قتلته كان لك ثواباً ولكن أعدا الاعداء نفسك التي بين جنبيك ثم أعدا الاعداء ولدك الذي خرج من صلبك ثم أعدا الاعداء زوجتك التي تضاجعك ثم أعدا الاعداء ما ملكت يمينك" قال بعضهم: من حملك من أزواجك وأولادك على جمع الدنيا والركون اليها فهو عدو ومن حثك على الانفاق والتوكل والقناعة فليس بعد.
قال الحسن: لا يغرنك من حولك من السباع الضارية ابنك وحليلتك وكلالتك وخادمك أما ابنك كمثل الاسد في الشدة والصولة وينازعك فيما في يدك واما حليلتك فكالكلبة في الهريرة والبصبصة واما كلالتك فدرهم في ميراث احدهم احب اليهم من ان تعتق رقبة واما خادمك كالثعلب في الحيل والسرقة.
واقول لك يا ابن آدم اتق الله فلا توقر ظهرك بصلاحهم فإن مالك خطوات الى منزلك القابل لاربعة اذرع في ذراعين فإذا وضعك هنالك انصرفوا عنك وصرفوا النيات وضربوا بالدفوف وضحكوا بالقهقهة وفرحوا بما تركتهم وانت محاسب بما في ايديهم.