التفاسير

< >
عرض

فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ وَٱسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
١٦
إِن تُقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ
١٧
-التغابن

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } أي طاقتكم وهي المراد بقوله حق تقاته وقيل هذه ناسخة لقوله حق تقاته وقيل ما كنتم احياء وقيل ما استطعتم فعلا من الافعال وما ظرفية مصدرية أو مصدرية والمصدر علىالاول ظرف وعلى الثاني مفعول مطلق أي قدر الاستطاعة أو تقوى الاستطاعة.
{ وَاسْمَعُوا } الحق { وَأَطِيعُوا } قائلة عن ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم على المسلم السمع والطاعة فيما احب وفيما كره مالم يؤمر بمعصية فلا طاعة في معصية الله قال عمر بن الحصين للحكم الغفاري: هل تعلم يوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"لاطاعة في معصية الله" قال نعم الله أكبر.
{ وَأَنفِقُوا } مالكم في وجه الله فرضا ونفلا وقيل المراد الفرض { خَيْراً } أي يكن الانفاق خيرا فحذف الكون وفيه ضمير هو اسمه بدون سبق ان اولو الشرطية على القلة أو هو مفعول مطلق أي انفاقاً خيرا أو انفاق خير أو هومفعول انفقوا أي انفقوا ما يسمى خيراً وهو المال فإن الخير قد يطلق على المال القليل كالكثير أو مفعول لمحذوف أي اتوا خيرا قال ابن هشام في المسائل السفرية خيرا مفعول لمحذوف أي وآثر خيرا وهو محكي عن سيبويه وانما احفظه عنه في انتهوا خيراً لكم أو مذكور وهو انفقوا على ان المراد بالخير المال كقوله ان ترك خيرا وقد يبعده قوله لكم. واما على انه خبر لكان محذوفه أي يكن الانفاق خيرا لكم قاله ابو عبيدة أو على انه نعت لمصدر محذوف أي انفاقاً خيرا قاله الكسائي والفراء أو على الحال من ضمير مصدر الفعل أي الانفاق قاله بعضهم فهي خمسة اقوال وهي مشهورة في كتب الاعاريب ونسبتها الى من ذكر من كتاب مكي والذي احفظه ان الذي يقدر كان الكسائي فلعل له قولين ويتأتى منها في انتهوا خيرا لكم ثلاثة اقوال ما عدا القول بأنه مفعول لفعل مذكور وما عدا الحال فإن الاول لا سبيل اليه والثاني ضعيف بعيد من حيث المعنى وهذا تأكيد للحث على هذه الاوامر وخير اسم تفضيل أو اسم مقابل للضر والمكروه.
{ لأَنفُسِكُمْ } متعلق بـ(خيرا) أو نعت أو متعلق بـ(أنفقوا) فإن النفقة على الفقير مثلا نفقة عائد على المنفق.
{ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ إِن تُقْرِضُوا اللهَ } أي تنفقوا في وجهه { قَرْضاً حَسَناً } أي باخلاص وطيب قلب { يُضَاعِفْهُ لَكُمْ } قال ابو ذر عنه صلى الله عليه وسلم
"كل حسنة يعملها ابن آدم بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف" أي وأكثر وعن ابن المسيب الذكر في سبيل الله يضاعف كما تضاعف النفقة والدرهم بسبعمائة وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب يضعفه بالتشديد.
{ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ } يعطي الجزيل بالقليل { حَلِيمٌ } لا يعاجل بالعقوبة مع كثرة ذنوبكم.