التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٢
-التغابن

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ } في الازل فالفاء للترتيب الذكرى { وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } في الازل أي سبق في علم الله انه شقي ومن سبق فيه انه سعيد أو الفاء للترتيب في الحكم على معنى انه يخلقكم ويخبر الملك بالشقاوة والسعادة عقب الخلق فإن الشقاوة السعادة من البطن وقبله بقول الملك حين تقع النطفة في الرحم يا رب اشقي ام سعيد وما الرزق وما الاجل فيمكث وذلك بعد ان يقول أي رب أي يا رب نطفة ثم يقول أي رب علقة ثم يقول أي رب مضغة.
وعن ابن عباس: خلق بنو آدم مؤمنا وكافرا ويبعثهم كذلك وفي الحديث:
"إِن للجنة أَهلا من أصلاب آباءهم وللنار أًهلا من أَصلاب آباءهم" وقال ابو سعيد الخدري: منكم كافر حياته مؤمن في العاقبة ومنكم مؤمن حياته كافر قبل موته وقال عطاء: منكم كافر لله مؤمن بالكواكب ومؤمن بالله كافر بالكواكب وقيل كافر بأن لله خلقه كالدهرية واصحاب الطبائع ومؤمن بأن الله خلقه وقيل مقدر نفره موجه اليه ما يحلمه على الكفر ومقدر ايمانه موجه اليه ما يحمله عليه موفق اليه ولا جبر على مصيبة أو طاعة والله خالق للمطيع والعاصي وافعالهما الحسنة والقبيحة ويجزيهما على فعلهما لاختيارهما واختبارهما ايضا مخلوق لله وما لله إلا الخلق والعبد مؤاخذ ومثاب على تصرفه واعتقاده.
وافعال الله كلها حسنة وخلق القبيح ايضاً حكمة خفي علينا حسنا هذا مذهبنا معشر الاباضية والمعتزلة واهل السنة وقيل المعنى آت بالكفر وات بالايمان وذلك بعد البلوغ وقيل ذلك تعديد المنعم وبيان للحمد والشكر أي خلقكم انعاما وتفضلا عليكم فالحق ان تعبدوه كلكم شكرا وما فعلتم بل بعضكم كفر هذه النعمة وبعضكم آمن شكرا والفاء على هذه الاقوال كلها للترتيب الذكرى وقدم الكفر لكثرته.
{ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } يجازيكم به من كفر وإيمان ومقتضياتهما.