التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
٩
-التغابن

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَوْمَ } مفعول اذكر أو متعلق بتنبؤا وبخبير لما فيه من الوعيد كأنه قيل يعاقبكم يوم { يَجْمَعَكُمْ } وقرأ يعقوب بالنون { لِيَوْمِ الجَمْعِ } يوم القيامة يجمع فيه الملائكة والثقلان ومجموع الجار والمجرور بدل من الظرف واللام بمعنى في أو للتوقيت.
{ ذَلِكَ } اليوم { يَوْمُ التَّغَابُنِ } مصدر تغابن بفتح الباء يغبن فيه بعض الناس بعضا واللام للكمال كقوله "هم القوم كل القوم يا أم خالد" فإن التغابن ذلك اليوم هو التغابن حتى ان غيره من التغابن في امر الدنيا ولو عظم كلا تغابن وذلك ان لكل احد منزلا في الجنة ومنزلا في النار فيأخذ اهل الجنة منازلهم في الجنة ومنازل أهل النار فيها ويأخذ أهل النار منازلهم في النار ومنازل أهل الجنة فيها.
وفي الحديث
"ما من عبد يدخل الجنة إلا أرى مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا وما عبد يدخل النار إلا أُري مقعده من الجنة لو أحسن ليزداد حسرة" والتفاعل ليس على بابه فإن أهل الجنة غبنوا أهل النار بدون ان يغبنهم أهل النار أو فيه مجاز وفي ذلك تهكم بأهل النار فإن المغبون باق معه شيء ينتفع به وأهل النار لانفع لهم وفيه اشارة الى قوله اشتروا الضلالة بالهدى وقوله هل ادلكم الخ.... وقوله ان الله اشترى.
وقيل المراد بالغبن كون فريق في الجنة وفريق في السعير وقيل غبن المظلوم للظالم فإن المظلوم اخذ بظلامه مالا يساوي شيء والظالم يعاقب عليها كذلك والاول قول مجاهد وغيره وبين التغابن وفصله بقوله { وَمَن يُؤْمِن بِاللهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً } أي عملا صالحا أو حال من ضمير يعمل أي يعمل حال كونه صالحا فإنه في حال عمل المعصية غير صالح.
{ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ } وقرأ غير نافع. وابن عامر بالياء فيهما { جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ } حال مقدرة { فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ } المذكور من التفكير والادخال والخلود { الفَوْزُ العَظِيمُ } لان فيه جلب المنفعة العظيمة وهي الادخال والخلود ودفع المضرة وهي عقوبة السيئات التي هي النار.