التفاسير

< >
عرض

وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
٣
-الطلاق

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ } لا يخطر بباله أو لا يرجو{ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ } في اموره { فَهُوَ حَسْبُهُ } كافية قال ابن مسعود هذه الآية اكثر الآيات حظا على التفويض لله سبحانه وسئل صلى الله عليه وسلم عمن طلق ثلاثاً أو ألفاً هل له مخرج فتلا { ومن يتق الله } إلى آخره.
وسئل ابن عباس عن ذلك فقال لم تتق الله فيجعل لك مخرجا بانت عنك بثلاث الزيادة اثم في عنقك وقرأها صلى الله عليه وسلم فقال مخرجا من شبهات الدنيا وسكرات الموت وشدائد يوم القيامة وقال إني لأعلم آية لو اخذ الناس بها لكفتهم ومن يتق الله إلى آخره فما زال يكررها وقال
"لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطانا" .
وقال: "أبى الله عز وجل أن يجعل أرزاق عباده المؤمنين إلا من حيث لا يحتسبون" وقال ابن مسعود: لا يكثر همك يا عبد الله ما يقدر يكن وما ترزق يأتك وقال استنزلوا الرزق بالصدقة وقال اكثر المفسرين: "ونزل ذلك في عوف بان مالك الاشجعي اسر المشركون ابناً له يسمى مالكا وقيل سالما واتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا اليه الفاقة وان العدو اسر ابني وجزعت الام فما تأمرني به فقال ما امسى عند آل محمد الامد فاتق الله واصبر وَأمرك واياها ان تستكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فعاد الى بيته فامر اهله بذلك ففعلوا وفعل فبينما هو في بيته إذا قرع ابنه الباب ومعه مائة من الابل غفل عنها وعنه العدو فاستاقها" وفي رواية "رجع ومعه غنيمات ومتاع" عن ابن عباس "استاق معه أَربعة آلاف شاة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أَيحل له ماجاء به ابنه فقال: نعم" .
{ إِِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ } يبلغ امراً اراده ولا يفوته توكلت أو لم تتوكل فإن توكلت كفاك وتعجلت الراحة والبركة وإلا تركك الى عجزك وسخطك قاله مسروق وهو من التابعين سرقه سارق وهو صغير وقرأ حفص بالاضافة وقرأ بالغ امره برفع امر أي نافذ امره فاعل بالغ أو مبتدأه وقرىء بنصب بالغ منوناً على الحالية من اسم ان وعليه فخبرها هو قوله.
{ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَىْءٍ قَدْراً } مصدر قدر الثلاثي الذي بمعنى التقدير أو اراد مقدارا أو أجلا جعل لكل شيء حدا كرخاء وشدة وفي ذلك بيان لوجود التوكيل وتفويض الامر لانه اذا علم ان كل شيء من الرزق ونحوه لا يكون إلا بتقديره وتوقيته لم يبق إلا التسليم للقدر والتوكل وتقدير لما سبق من توقيت العدة ومن الاحصاء وتمهيد لما يأتي.
وروي أن أناساً لما نزل
{ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } قالوا: قد عرفنا ذوات الاقراء فما عدة اللاتي لا تحضن وقيل قال أبي بن كعب وقيل خلاد بن النعمان بن قيس الانصاري يا رسول الله فما عدة من لا تحيض والتي لم تحض والحبلى فنزل قوله.