التفاسير

< >
عرض

وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً
٤
-الطلاق

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ واللائي } قد سبقت كنايته عندنا معشر المغاربة هو يقرأ بهمزة وياء وباحداهما في الموضعين { يَئِسْنَ } لكبرهن { مِنَ المَحِيضِ } مصدر ميمي على غير قياس على ما قررته في شرح اللامية ومن للابتداء.
{ مِن } للتبعيض { نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُم } شككتم في عدتهن وجهلتهم وقيل: ان ارتبتم في دم البالغات مبلغ اليأس وقد قدرته بستين سنة وبخمس وخمسين وبغير ذلك كما بينته في شرح النيل أو هو دم حيض أو استحاضته وإذا كان ثلاثة اشهر عدة المرتاب بها فغير المرتاب بها اولى بالثلاثة.
وقال الثعلبي: قيل الارتياب بأمر الحمل { فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُر } الفاء زائدة في خبر الموصول لشبه اسم الشرط أو التقدير اما وجواب ان محذوف أو الفاء فاء الجواب والجملة جواب ان والمجموع خبر الموصول وهو اولى لعدم الحذف.
{ واللائي لَمْ يَحِضْنَ } لصغرهن مبتدأ محذوف الخبر أي كذلك او عدتهن ثلاثة اشهر ويضعف كونه معطوفا على اللائي وعن الحسن اذا كانت المرأة لا تحيض إلا كل سنة اعتدت به اذا علم انه حيضها وقيل تعتد بالحيض ما كان وعن عكرمة من الريبة الاستحاضة والتي لا يقيم حيض تحيض في الشهر مرتين أو مرة فعدتهن ثلاثة اشهر وقالت العامة: ان حيضها إذا كان في الشهر مرتين اعتدت به ولا تكن الثلاثة دون ذلك وعن ابن المسيب عنده المستحاضة سنة وعن الحسن وعطاء والحكم بن عيينه أن المستحاضة تعتد ايام صلاتها وان حاضت بعد الطلاق حيضة او حيضتين وارتفع اعتدت تسعة اشهر فإن تبين حملها وإلا اعتدت بعد ذلك ثلاثة اشهر وهذا عند عمر بن الخطاب.
وطلق علقمة امرأته فحاضت حيضتين وبقيت ثمانية عشر شهرا وقيل ستة عشر شهرا ثم ماتت فقال عبد الله بن مسعود: حبس الله عليك ميراثها وروي عن عمر ان الشابة التي كانت تحيض فارتفع حيضها وطلقت لم تحض تتربص سعة اشهر فإن لم تحض اعتدت بثلاثة اشهر وهو قول مالك وقال الحسن في رواية تتربص سنة فإن لم تحض اعتدت بثلاثة أشهر وقال اكثر اصحابنا وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود وعطاء والشافعي واصحاب الرأي واكثر العلماء لا تنقضي عدتها إلا ان جاءت بثلاث حيضات او تبلغ سن اليأس فتعتد بثلاثة أشهر وقيل ثلاثة أشهر عدة التي لا تحيض بعد ما كانت تحيض كما انها عدة كبيرة لم تحض واترابها يحضن واما المتوفى عنها فعدتها أربعة أشهر وعشر ولو كانت تحيض وقيل ان كانت لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر لظاهر الآية وعليه ابن مسعود وأبي وأبو هريرة وغيرهم.
{ وَأُوْلَتُ } صاحبات { الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ } وان منتهى اجلهن { أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } وان كن متوفى عنهن وقيل الحامل الموتفى عنها أجلها أبعد الأجلين وهو قول علي وابن عباس ونسب لجابر بن زيد وأبي عبيدة والعامة من فقهائنا والصحيح الاول وعليه ابي وعمر وابن مسعود تتزوج اذا ولدت بعد موت زوجها ولو بيوم أو اقل ولو لم تطهر لكن لا يقربها زوجها إلا اذا طهرت واغتسلت لانه
"روي ان سبيعة الاسلمية بنت الحارث ولدت بعد موت زوجها بليال وهو سعد بن خولة من بني عامر ابن لوي وهو ممن شهد بدرا مات في حجة الوداع ولما تم نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها رجل من بني عبد الدار فقال لها: مالي اراك تجملت للخطاب ما انت والله بناكح حتى يمر عليك اربعة اشهر وعشر فجمعت ثيابها عليها حتى امست فاتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فافتاها ان تتزوج حين ولدت ان شاءت" .
وعن ابن مسعود من شاء لاعنته ان سورة النساء القصرى نزلت بعد التي في البقرة أي ان هذا اللفظ مطلق في الحوامل ولو توفي عنهن قال القاضي والمحافظة على عموم هذه الآية أولى من محافظة عموم { والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا } لأن عموم أولات الاحمال بالذات وعموم (أزواجا) بالعرض والحكم معلل هنا بحذفه ثم ولأنه متأخر النزول فتقدمه تخصيص وتقديم الآخر بناء للعام على الخاص وقيل: لما علموا عدة المطلقة قالوا فما عدة من لا قروء لها صغر أو كبر فنزل { واللائي يئسن) إلى آخره.
ثم قال قائل فما عدة الحامل { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } فائدة مستطردة من قال لزوجته: أن طالق ثلاثا طلقت ثلاثا وفي كتاب الحضرمي من أصحابنا انها طلقت واحدة ولا يلحقها قوله ثلاثا وله ان يراجعها بنكاح جديد وتكون في تطليقتين انتهى بلفظه وفي الحاشية الصغيرة على النكاح الذي هو تأليف الشيخ يحيى انه طلاق واحد عند غيرنا ويراجعها أي بلا تجديد ومن طلق زوجته وزادها تطليقة أو تطليقتين قيل انقضاء العدة لحقتها مع انه لم يراجعها.
{ وَمَن يَتَّقِ اللهَ } بالوقوف عند احكامه { يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } سهولة في الدنيا والآخرة.