التفاسير

< >
عرض

أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ
٦
-الطلاق

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ أَسْكِنُوهُنَّ } أي المطلقات { مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم } أي اسكنوهن مكانا من موضع سكونكم فمن للتبعيض كما قال قتادة إن لم يكن إلا بيت واحد فاسكنها في بعض جوانبه وهذا الاسكان واجب باجماع إلا المبتوتة فمالك يرى لها السكنى حفظا للنسب ولا يرى لها النفقة وكذا الشافعي وعلى السكنى اكثر العلماء بانت بالخلع أو الثلاث أو اللعان وقال ابن عباس: لا سكنى لها إلا ان كانت حاملا وعليه الحسن والشعبي وعن ابن عباس والحسن والشعبي والشافعي واحمد انه لا نفقة لها ايضا وعن بان مسعود والنخعي والثوري واصحاب الرأي تجب لها النفقة وعن ابن المسيب وابن عمر المطلقة ثلاثاً وليست حبلى لها السكنى ولا نفقة لها وعن الحسن وحماد لا نفقة لها ولا سكنى.
وكذا كل مبتوتة
"لحديث فاطمة بن قيس ان زوجها ابت طلاقها فقال صلى الله عليه وسلم لا سكنى ولا نفقة لك وقال عمر سمعته صلى الله عليه وسلم يقول لها السكنى والنفقة" واسم زوجها عمرو بن حفص "روي انه طلقها وهو غائب فارسل وكيله اليها شعيرا فسخطته فقال: والله مالك علينا من شيء فاتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لا نفقة لك وامرها ان تعتد في بيت ام شريك ثم قال: تلك امرأة يغشاها اصحابي فاعتدي عند ابن ام مكتوم فانه اعمى تضعين ثيابك" وهذا دليل على انه لا سكنى وأجيب بأنه امرها بالعدة عند ابن مكتوم لان منزلها وحش يخاف عليها فيه كما روي عن عائشة وقال ابن المسيب: نقلت لطول لسانها على أحمائها وقال لها إذا حللت فاعلميني.
فلما حلت قالت ان معاوية ابن ابي سفيان وابا جهم خطابي فقال ابو جهم: فلا يضع عصاه عن عاتقة أي يلازم السفر واما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي اسامة بن زيد فكرهته ثم قال: انكحي اسامة بن زيد فنكحته فجعل الله فيه خيرا فاغتبطته والمتوفى عنها لها السكنى بدليل
"أن اخت أبي سعيد الخدري جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله ان ترجع الى أهلها في بني خدرة فإن زوجها خرج في طلب عبيد له ابقوا فلحقهم فقتلوه وقالت انه لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة فأذن لها ودخلت في حجرتها وناداها ونوديت فجاءت فقال امكثي حتى يبلغ الكتاب اجله فاعتدت في البيت اربعة اشهر وعشرا" فنسخ اذنه لها بقوله امكثي وبه قال عمر وابن مسعود وعثمان وعبد الله بن عمر ومالك والثوري واحمد واسحاق لها السكنى والشافعي في احد قوليه.
وقال علي وابن عباس وعائشة الحسن وعطاء وابو حنيفة والشافعي في احد قوليه لا سكنى لها وان قوله امكثي استحباب واما المعتدة عن وطء الشبهة والمفسوخة النكاح بعيب أو خيار عتق فلا سكنى لها ولا نفقة وان كانت حاملا.
{ مِّن وُجْدِكُمْ } مما وجدتم على قدر المال وكذا في النفقة وهو بيان وتفسير لقوله من حيث سكنتم بناء على ان الوجد بمعنى الموجود او بقدر مضاف أي امكنه وجدكم وقرىء بضم الواو وكسرها ومعنى قولي انه بيان ان من البيان لا عطف بيان لاختصاصه بالاسماء على الصحيح ولا يكون في الجملة وشبهها.
{ وَلا تُضَآرُّوهُنَّ } في السكنى بانزال من لا يوافقهن معهن أو يشغل مكانتهن.
{ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ } في المساكن فيخرجن وقيل: المراد ان يراجعها إذا بقي من عدتها يومان ليضيق عليها أمرها وقيل: يلجئها أن تفتدي منه.
{ وَإِن كُنَّ } أي المطلقات { أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } فيخرجن من عدتهن وتنفق الحامل المتوفى عنها زوجها من التركة عند ابن مسعود وشريح والشعبي والنخعي والثوري ونسب لعلي وعن ابن عباس وابن الزبير وتنفق من نصيبها قيل وبه اخذ اصحابنا ابو عبيدة والعامة من فقهائنا وعن جابر بن عبد الله والحسن وابن المسيب وعطاء لا نفقة لها ونسب لاكثر العلماء ويدل له انه لا ينفق الولي من مال وليه بعد موت صاحب المال وعن علي ايما رجل طلق امرأته فلينفق عليها حتى يتبين اهي حامل ام لا فان كان حمل انفق حتى تضع وإلا فلا نفقة ومن قال كل مطلقة تجب نفقتها قال فائدة الشرط ان مدة الحمل ربما طالت فيظن ظان ان النفقة تسقط اذا مضى مقدار العدة بالحيض فنفي هذا الوهم وللمرضعة نفقة.
{ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُم } اولادكم منهن أو من غيرهن بعد الفراق وانقطاع علاقة النكاح وضمير الاناث للمطلقات.{ فَأتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } أي على الارضاع وتؤجر على ولدها ولو لم يبن عند الشافعي وقال ابو حنيفة لا اجرة لها إلا بعد ان يبين وفيه دليل على ان اللبن للام ولو خلق للولد.
{ وَأتَمِرُوا } بالالف بعد الواو والاولى في نسخها وهو امر من ائتمر فالاصل وأتمروا بياء ساكنة سكونا حيا بعد صورة الف كما يكتبه بعض المشارقة والائتمار قبول الامر.
{ بَيْنَكُم بِمَعْروفٍ } بجميل في الارضاع والاجرة وغيرهما يتراضون على اجر معلوم بلا اضرار على احدهم ولا يقصر في حقها ولاتقصر في حق الولد والخطاب للآباء والامهات ويجوز ان يكون الائتمار بمعنى التأمر بهمزة قبل الالف كالاشتوا بمعنى التشاور أي وليأمر بعضكم بعضا.
{ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ } تضايقتم في امر الرضاع بأن امتنع الأب عن الاجرة والام عن الارضاع فلا اجرة أو امتنعت ولو مع الاجرة أو شطت في الاجرة { فَسَتُرْضِعُ لَهُ } أي للزوج { أُخْرَى } ولا تكره على الارضاع إلا إن لم يقبل الولد إلا منها فإنها تجبر على إرضاعه باجرة المثل ومثل الزوج في الغنى والفقر وفي ذلك عتاب للام واظهار غني عنها أي سيرضعه غيرك وانت ملومة قال بعضهم: ذلك في البائن واما الرجعية والباقية على الزوجية فيجب عليهما ان يرضعا بلا اجرة إلا ان تكون شريفة وقيل لهما الاجرة ان اردن ولا يجبرن على الرضاع.