التفاسير

< >
عرض

وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ
١٢
-التحريم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَمَرْيَمَ } عطف على امرأة فرعون { ابْنَتَ عِمْرَانَ } وفيها تسلية للارامل { الَّتِى أَحْصَنَتْ } حفظت { فَرْجِهَا } عن الرجال وزعم بعضهم من الجمهور على ان الفرج فرج فميصها.
{ فَنَفَخْنَا فِيهِ } أي في الفرج أي نفخ جبريل بأمرنا { مِن رُّوحِنَا } أي من الروح الذي هو خلق وملك لنا واضافته للتشريف والمراد الجنس قيل تناول جبريل جيبها باصبعه فنفخ فيه فسار الى بطنها فحملت.
وقرأ أُبي فنفخنا في الفرج وقرأ ابن مسعود فنفخنا فيها أي في مريم أو يقدر مضاف أي في فرجها.
{ وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا } أي شرائعه وقيل بصفحة المنزلة على ادريس وغيره سماها كلمات لقصرها وقيل جميع ما كلم الله به ملائكته وغيرهم وقال الكلبي كلماته عيسى لقول جبرائيل لها:
{ انما انا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا } وقوله { ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم } .. الخ ويدل له قراءة بعضهم وهو الخدري بكلمة ربها بالافراد لكن يحتمل الافراد الحقيقة أو الجنس الاستغراقي فتصلح فيه الاقوال وقرىء صدقت بالتخفيف.
{ وَكُتُبِهِ } هو الانجيل أو جميع الكتب أو الاربعة فالاضافة للجنس أو للاستغراق وقد قرأ ابو عمرو وحفص وكتبه بالجمع وقيل المراد الكتب المنزلة على ابراهيم وموسى وداود وعيسى وقيل: ما كتب في اللوح وقيل: المراد بالكلمات أو الكلمة التوراة وبالكتاب الجنس واختار أبو حاتم قراءة أبي عمرو وحفص واختار أبو عبيدة قراءة الجمهور كتابة بالأفراد.
{ وَكَانَتْ مِنَ القَانِتِينَ } المطيلين القيام في الصلاة وقيل المطيعين ولم يقل من القانتات لان القنوت صفة للذكر والانثى والذكر اقوى فيها فغلب فجعلت بعضا منهم ويجوز ان يكون لابتداء الغاية على انها ولدت من القانتين لانها من اعقاب هارون اخي موسى.
وروي ان عائشة رضي الله عنها سالت النبي صلى الله عليه وسلم لم سمى الله المسلمة وهي مريم ولم يسم الكافرتين امرأة نوح وامرأة لوط فقال: لم يسمهما بغضا لهما واعترضت هذه الرواية بانها غير صحيحة اذ قد يسمى الله جماعة من الكفار باسمائهم وكناهم ولو كانت التسمية للحب وتركها للبغض لسمى آسية وقد قرن بينها وبين مريم في التمثيل للمؤمنين والحمد الله الذي ابى ان يجعل لغير ما صح علامة توهم الصحة وقد يقال توجيها للصحة بانه لم يذكر الكافرتين باسميهما بغضا لهما وذكر الكفار بأسمائهم في مواضع لنكته والنكت لا تتزاحم وفي الحديث عن أنس:
"حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بن خويلد وفاطمة بن محمد وآسية امرأة فرعون" وفي الحديث: "كمل من الرجال كثيرا ولم يكمل من النساء إلا أربع آسية وخديجة وفاطمة وعائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" .
اللهم بحق هذه السورة وحق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم علينا اخز النصارى واهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم.