التفاسير

< >
عرض

نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ
١
-القلم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ نَ } من أسماء الحروف ويؤيده قراءته باسكان النون الثانية وكتبها بصورة الحروف، وقيل اسم السورة وغير ذلك من الخلاف في أوائل السور معنى واعرابا وقرىء بفتح النون الثانية وكسرها على حد مامر في ص، وقال ابن عباس: هو حرف من حروف الرحمن وأن هذا الاسم تفرق في أوائل سورة، ففي بعضها الراء وفي بعضها حـم وفي بعضها ن وقيل مفتاح اسمه ناصر ونصير، وقال: الحسن: الدواة ويؤيده ذكر القلم والظاهر انه وضع لغوي قال الشاعر:

اذا ما الشوق رحبي اليهم القت النون بالدمع السجام

أي الدواة ويشكل عليه انه إن كان ينكره فأين الاعراب والتنوين او علم جنس أو شخص فأين الاعراب واين التنوين إن صرف نعم قرىء بفتح النون فلعل فتحة اعراب نصب أو جر مع منع الصرف فيهما على القسم بحرف مقدر أو النصب بفعل محذوف وعلى التنكير يكون المراد دواة مبهمة.
وفي حديث رواه معاوية بن قرة أن ن لوح من نور وقيل: لوح من ذهب وقيل: نهر في الجنة وقيل: حوت، وفي هذه الاقوال مافي القول بالدواة.
وعن مجاهد وابن عباس: ن هو الحوت الذي ظهره الاراضون اسمه البهموت، قال أول ماخلق الله القلم فجرى بما هو كائن ثم النون وهو الحوت، وفي عرايس القرآن اسمه لوتيا وكنيته بلهوت ولقبه بهموت وقيل اسمه لفوتان وقيل الارض على ثور اسمه ليوتا وهو على حوت اسمه بهموت.
قال ابن الاعرابي: روى الوليد بن مسلم عن مالك عن موسى مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول؛
"أو ما خلق الله القلم ثم خلق النون وهو الدواة وذلك قوله تعالى { نَ وَالقَلَمُ }" وفي حديث صريح بمعنى النون ثم قال له اكتب قال: وما اكتب قال: ماكان وما هو كائن الى يوم القيامة ثم ختم فلا يكتب ثم خلق العقل فقال له منا خلقت خلقا أعجب منك وعزتي لأكلمنك فيمن أحببت ولأنقضنك فيمن أبغضت ثم قال صلى الله عليه وسلم "أكمل الناس عقلا أطوعهم لله وأعلمهم بطاعته" وقيل: اسم ذلك الحوت ليونا.
وعن علي: بلهوت بسط الارض على ظهره فتحرك بها فأثبتها بالجبال فهي تفخر على الارض، وقيل: فتق الارض سبعا وأمر ملكا فحملهن واهبط له ثورا من جنة الفردوس له اربعون الف قرن واربعون الف قائمة وجعل قدمه على سنامه ولم يستقر ثم أتى بياقوته خضراء من أعلى درجات الفردوس غلظها خمسمائة سنة وجعلت بين سنام الثور وأذنه فاستقرت عليها قدماه وقرون الثور خارجه من أقطار الارض وهو كل يوم يتنفس تنفسا واحدا، اذا تنفس مد البحر، واذا رد نفسه زجر.
وخلق للثور صخره كغلظ سبع سماوات وسبع أراضين وضع عليها أقدامه قيل وهي الصخرة التي قال لقمان لابنه فتكن في صخرة وخلق لها الحوت المسمى نونا وهذا الحوت على البحر والبحر على الريح والريح على الظلمة والظلمة على القدرة.
وعن كعب الاحبار: أن ابليس بلغ الحوت وقال له: لو نفضت ما على ظهرك لاسترحت فهم فبعث الله له دابة دخلت منخرة فوصلت الى دماغه فجع الى الله فأذن لها فخرجت فهو ينظر اليها وهي تنظر اليه إن هم بشيء من ذلك عادت كما كانت، وقيل تحت السابعة أرض من نار وخلق لايعلمه الا الله وبحر من تحتها نار وأرض من نار وبحر من نار وهكذا الى سبع أراضين من نار وسبعة أبحر من نار وتحت ذلك صخرة وتحتها ماء وتحته حوت وتحته ظلمة الهواء ولايعلم ما بعده الا الله، وقيل: الماسك للارض التي نحن عليها صخرة خضراء في كف ملك قائم على ظهر حوت منطو بالسماوات الى تحت العرش وبين الحوت والقلم مناسبة فان بعض الحيتان يستخرج منه شيء أشد سوادا من المداد يكتب به وادغم الكساءي وابن عامر ويعقوب النون الثانية في الواو إجراء الواو المنفصل مجرى المتصل فان النون المسكن يدعم في حروف الفم.
وقد روى ذلك عن نافع وعاصم في رواية أبي بكر عنه وروى أن ورشا وأبا بكر وابن عامر الكسائي يدغمون ويبقون الغنة.
{ وَالقَلَمِ } قال الحسن: والذي يكتب به الملائكة الذكر واعمال العباد وقيل الذي كتب به الكتابات في اللوح المحفوظ وهو من نور طوله ما بين السماء والارض انشق نصفين هيبة لله عز وجل فقال له: اجر بما هو كائن الى يوم القيامة فجرى فانما يجري الخلق على أمر فرغ منه وقيل: القلم جنس اقلامنا هذه أقسم بها لكثرة فوائدها فانها قوام الدنيا والاخرة فانها أخو اللسان وعضد الانسان ونعمة عامة.
{ وَمَايَسْطُرُونَ } أي ما يكتب الملائكة من خير وشر وما تكتبه الحفظة أو ما يكتبون من كتب الله أو ما يكتب الناس بأقلامهم نص عليه ابن عباس ويجوز عود الضمير للملائكة والناس ويجوز عودة القلم تعظيما له كما قيل أن الواو في رب ارجعون لله عز وجل واسناد للفعل الى الاله واجراء له مجرى العقلاء ويجوز كون ما موصولا اسميا وكونه موصولا حرفيا.