التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ
٤٢
-القلم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَوْمَ } مفعول لمحذوف أي اذكر او ظرف متعلق بيأتوا او بزعيم او بمحذوف للتهويل أي يكون كذا وكذا يوم { يُكْشَفُ } وهو يوم القيامة { عَن سَاقٍ } نائب الفاعل والكشف عن الساق كناية عن شدة الامر للجزاء والحساب ولاساق ثم ولا كشفا عنه كما تقول كشفت الحرب عن ساقها وشمرت وكما يقال أبدت العذراء حزمها والحزام رباط السراويل عند اسفل رجل المرأة وشمرت المخدرات عن سوقهن يقال ذلك عند الشدة كأنهن هربن وكشفن عند ذلك السوق والحزام ليتمكنن من الهرب ولو لم يكن هناك عذراء ولا مخدرة وكما تقول لمن لابد له اذا كان شحيحا يده مغلولة تمثيلا للبخل وتقول للجواد كثير الرماد ولو لم يكن عنده رماد.
والمراد بالساق الاصل أي يكشف عن اصل الامر وحقيقته استعارة تحقيقية تصريحية اصلية من ساق الانسان او ساق الشجرة ومن شبه الله بخلقه واثبت له الساق كساق زيد وعمرو فلقلة فهمه لعنه الله وقبحه.
قال عاصم بن كليب: رايت ابن عباس غضب غضبا شديدا لم اره غضب مثله قط فقال: انكم تقولون قولا عظيما يعني التشبيه الذي ذكر وانما اراد يكشف عن الامر الشديد قال عاصم: كليب عن ابن عباس لو علمت من يقول هذا التشبيه لفعلت وفعلت وقال ابن عباس: ذلك الوقت هو اشد ساعة في القيامة وعن عمرو بن العاص، يوشك ان ينحل شيطان أوثقه سليمان عليه السلام في البحر فيعلم الناس التشبيه يزينون احاديثهم باحاديث اهل الكتاب في صفة ربهم وعن ابن مسعود لاتسألوا اهل الكتاب عن شيء فلن يهدوكم وقد ضلوا انما هو كذب يصدقونه او صدق يذكبونه.
ومن اهل التشبيه مقاتل قال ابو عبيدة: خرج من خراسان رجلان مشبه حتى مثل وهو مقاتل بن سليمان وناف حتى عطل وهو جهم بن صفوان ولا يعلم مقدار عظم هذا العلم ومنافعه الا من أحس بعظم مضار فقده وما قول ابن مسعود يكشف الرحمن عن ساقه فاما المؤمنون فيخرون سجدا واما المنافقون فتكون ظهروهم طبقا طبقا كان فيها السفافيد فمعناه عن هوله الشديد وحقيقة امره او عن ساق آخرته وكذا في الآية يستعار الساق للآخرة وقيل الساق القدرة وعن ابي موسى الاشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم الساق نور عظيم ومعنى الطبق ان تكون فقرة واحدة لا تنثني وكأنها اقيمت بسفود دخل فيها وتنكير الساق للدلالة على انه امر مبهم في الشدة منكر خارج عن المألوف.
وقرىء نكشف بالنون والبناء للفاعل قرىء تكشف بالمثناة فوق والبناء للمفعول ونسبت هذه القراءة لابن عباس وبها مع البناء للفاعل ورويت ايضا عن ابن عباس والنائب والفاعل ضمير الساعة والقيامة او الحال من اسناد الفعل الى زمانه فجاز أو قرىء تكشف بالمثناة الفوقية مضمومة وكسر الشين من كشف الرجل اذا دخل في الكشف واصبح دخل في الصباح واشام واعرق دخل الشام والعراق.
قال جار الله ومن حق الساق ان تعرف على ما ذهب اليه المشبه لانها ساق مخصوصة معهودة عنده وهي ساق الرحمن وهذا منه رد على المشبه ازراء برأيه { وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِِ } امتحانا لايمانهم فانه لو صح تأتي منهم السجود وتوبيخا وتعنيفا على تركهم السجود في الدنيا مع اعقام اصلابهم أي جعلها يابسة لا تنثني وتنديما على تفريطهم في السجود حين كانوا في الدنيا مستطيعين وان اريد باليوم وقت النزع صح التفسير بذلك والدعاء الى الصلوات لاوقاتها لات حين السجود { فَلا يَسْتَطِيعُونَ } السجود لذهاب وقته ولكون ظهرهم طبقة ولذهاب سلامتهم.
اذا كان يوم القيامة اذن مؤذن لتتبع كل امة ما كانت تعبد فتتساقط عبدة الاصنام في النار ويقال لليهود ما تعبدون قالوا نعبد عزيز ابن الله فيقال كذبتم ما اتخذ الله صاحبة ولا ولدا فما تبتغون قالوا عطشنا يا ربنا فاسقنا فيشار اليهم لا تردون فيحشرون الى النار كسراب يحكم بعضهم بعضا وكذا النصارى غير انهم يقولون نعبد المسيح ابن الله ويدعو الناس للسجود فيسجد المؤمنون وكلما اراد من كان يسجد رياء او سمعة او نفاقا ان يسجد وقع على قفاه وروي يسجد كل مؤمن وترجع أصلاب المنافقين والكفار كصباص البقر عظما واحدا فلا يستطيعون سجودا ويجعل ظهروهم كصفحة نحاس.
واما حديث رؤية الباري فكذب موضوع الحديث اثبات الساق لله افتراء مدفوع وانه كون الصراط جسرا على متن جهنم فكلام مسموع شدد بعض اصحابنا والظاهر انه حق مرفوع وانما الممنوع قطعا هو تفسير الصراط المستقيم في مثل اهدنا الصراط المستقيم به فانه الدين القيم لا الجسر وروى المخالفون عن ابي سعيد: ان العصاة الموحدين من هذه الامة يخرجون من النار فريقا بعد فريق على قدر ايمانهم وطاعتهم وقد اخذتهم النار كذلك الى ساق والى ركبة واقل واكثر وانه قال ان لم تصدقوني فاقرأوا
{ إِن الله لا يظلم مثقال ذرة وإِن تلك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أَجرا عظيما } ويقول الله شفع الملائكة وشفع الانبياء وشفع المؤمنوون ولم يبقى الا ارحم الراحمين فيخرج منها قوما لم يعلموا خيرا قط الى نهر الحياة في فم الجنة فيخرجون كما تنبت الحبة ما يلي الشمس اصفر واخضر ومايلي الظل ابيض فيجعل في رقابهم الخواتم يعرفهم اهل الجنة بعتقاء الرحمن فيدخلهم الجنة ويقول ما رأيتم فهو لكم فيقولون اعطينا ما لم تعط احدا ياربنا فيقول لكم افضل من ذلك فيقولون ياربنا ما افضل منه فيقول رضاي عنكم ابدا وهذا كله غير ثابت عند اصحابنا.