التفاسير

< >
عرض

وَإِن يَكَادُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُواْ ٱلذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ
٥١
-القلم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَإِن } مخففة من الثقيلة واللام في بـ(يزلقونك) لام الفرق بين النفي والاثبات ومن جعل ان نافيه جعل اللام بمعنى الا { يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ } وقرأ غير نافع بضم الياء.
يقال ازلقه وزلقه حلقه أي يكادون يذهبونك كما قرىء ليزهقونك أي يهلكونك { بِأَبْصَارِهِمْ } وقال ابن عباس ينفدونك بها وقيل يصيبونك بها كما يصيب العاين بعينه ما يعجبه وقيل: يصرعونك وقيل ينظرون اليك بغضب حتى كادوا يزلون قدمك او يرمونك كقولهم نظر إليَّ يكاد يصرعني او يكاد يأكلني أي لو امكن ان يصرعني بنظره او يأكلني لفعل او نظر الي نظرا يدل على قرب صرعه او اكله اياي وروي ان قريشا ارادت اصابته بعين فنظرت فقالت: ما رأينا مثله ولا مثل حجة والعين من خصائص بعض النفوس وكانت في بني اسد اشد ماتكون تمر الناقة او البقرة باحدهم فيعاينها ويقول لجاريته خذي الاناء والدرهم فاتينا بلحمها فما تبرح حتى تقع فتنحر.
وكان رجل منهم بمكة يمكث لا يأكل يومين او ثلاثة ثم يرفع جانب خبابه فتمر به الابل او غيرها فيقول لم أر اليوم ابلا وغنما احسن من هذه فما تذهب الا قليلا حتى تسقط منهم طائفة او ما شاء الله فسأله الكفار ان يصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين فعصمه الله وانزل هذه الآية وعن ابن عباس: كل ما في القرآن من كاد فهو مالا يكون يكاد سنا برقه بالابصار ولم يذهبها واكاد اخفيها ولم يفعل قلت لم تصح الرواية عنه فقد قال وما كادوا يفعلون وقد فعلوا وقد يجاب بان محل الكلية ما اذا عدمت القرينة وفي الحديث
"العين حق" أي شيء صحيح الوقوع "لا تزال بالرجل حتى تورده القبر ولا بالجمل حتى تدخله القدر ولا بالنخلة حتى تدخلها التنور وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين واذا استغسلتم فاغتسلوا" قال ذلك لما قالت اسماء او ولد جعفر تسرع اليهم العين افاستغسلهم وفي ذلك اثبات القدر وابطال قول من قال بان العين غير ثابت ولا تؤثر العين الا بإذن الله قال الحسن: دواء من اصابته العين ان يقرأ هذه الآية.
وقيل معنى يزلقونك بابصارهم يصرفونك عن الحق كما تقول صرعني او ضربني بعينه قيل ويدل له قوله { لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ } أي القرآن قلت لادليل فيه فان سماع الذكر ينهض فيهم بغضا وحسدا وارادة ضر فيحدون النظر اليه حسدا للنوبة { وَيَقُولُونَ } حسدا { إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ } بسبب ماجاء به من الوحي والقرآن حاروا في امره ونفروا عنه الناس بقولهم وقد استيقنت انفسهم انه على الحق وانه اعقلهم.