التفاسير

< >
عرض

يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ
١٨
-الحاقة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ } للحساب كما يعرض العسكر على السلطان ليعرف احوالهم.
وروي ان في يوم القيامة ثلاث عرضات اثنتان اعتذار واحتجاج وتوبيخ وفي الثالثة نشر الكتب باخذ الفائز كتابه بيمينه والهالك بشماله، قال الغزالي في آخر (احيائه) يجب على كل مسلم البدار الى محاسبة نفسه كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوها قبل ان توزنوا" وانما حسابه لنفسه ان تتوب من كل معصية قبل الموت توبة نصوحا ويتدارك ما فرط من تقصير في فرائض الله عز وجل ويرد المظالم حبة حبة ويستحل كل من تعرض له بلسانه ويده وسوء ظنه ويطيب قلوبهم حتى يموت ولم يبق عليه فريضة ولا مظلمة فهذا يدخل الجنة بغير حساب ان شاء الله تعالى انتهى { لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ } فعلة خافية او خصلة خافية لا تخفى عليه سريرة فضلا عن ان يكون العرض للاطلاع.
وانما المراد به افشاء الحال المبالغة في العدل والحساب والتهديد فالمراد بالخافية ما من شأنه الخفاء عن الخلق وقيل: المراد لا يخفى عنه ما كان يخفى عن بعضكم في الدنيا ويحتمل ان يراد لا تخفى اليوم على الناس ليفتضح المسيء حتى ان الواحد ليقف للحساب من الذنب الواحد مائة عام ومن للابتداء متعلقة بتخفى او بمحذوف حال من خافية وان قلت كيف يصح التعليق بتخفى قلت على معنى قولك رأيت زيدا من ذلك الموضع وانت في حال الرؤية لست في ذلك الموضع بل فيه زيدا او على ان من بمعنى عن أي لايخفى عن بعضكم ذنب وقرأ الكسائي وحمزة لايخفى بالمثناة تحت لظهور الفاعل مع مجازية تأنيثه ومع الفصل بالجار والمجرور.