التفاسير

< >
عرض

إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ
٥٤
-الأعراف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إنَّ ربَّكم اللهُ الذِى خَلَق السَّماوات والأرضَ فى ستَّةِ أيَّامٍ } أى فى ستة أوقات، أو فى مقدار ستة أيام من أيام الدنيا، والأول أنسب وأتم حينئذ، وقال الجمهور: كل يوم ألف سنة، وهو قادر على خلقهن فى أقل من لحظة تعليما لخلقه التثبت، والثانى فى الأمور، ولأن خلق شىء فشىء أبلغ فى القدرة والدلالة، وأنفى لما قد يخطر بالبال لو خلق دفعة من أن ذلك وقع على سبيل الاتفاق، ولأنه أراد أن يخلق كل يوم شيئا تستعظمه الملائكة وغيرها ممن شاهد إن كان معهم سواهم، وإن قلنا: التعجل فى الخلق أبلغ فى القدرة، فالتثبيت أبلغ فى الحكمة فأظهره فى خلق ما شاء فى كل يوم على حدة، كما أظهر قدرته فى خلقها بكن، فإن خلقه لها ليس بمعالجة كمعالجة البنَّاء والطيَّان، بل أراد وجوداً فوجدت لا على مثال سبق، فإن الخلق إيجاد بلا قياس إلى موجود، وهذا هو المراد، ويستعمل فى اللغة بمعنى التقدير المستقيم وقيل: هو الأصل.
وروى مسلم أن الله خلق التربة يوم السبت، والجبال يوم الأحد والشجر يوم الاثنين، والظلمات يوم الثلاثاء والنور يوم الأربعاء، والدواب يوم الخميس، وآدم بعد العصر من يوم الجمعة، وليس بصحيح عنه صلى الله عليه وسلم لمخالفته هذه الآية، وقوله:
{ { ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما فى ستة أيام } لأن فيه سبعة أيام، والجواب أنه خلق التربة يوم السبت من غير أن يخلقها أرضا، وهو جواب ضعيف، وسمى يوم السبت لأنه قطع فيه بعض الخلق أى أوجده، والسبت القطع.
والصحيح قول عبد الله بن سلام، وكعب الأحبار أن الله ابتدأ الخلق يوم الأحد، وختمه يوم الجمعة، فأول الأيام الأحد، وآخرها السبت، سمى لانقطاع الخلق عنه فاختاره اليهود للراحة، وسمى يوم الجمعة لتمام الخلق فيه واجتماعه، وسائر الأيام على ترتيبه فى الوجود واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة، وقيل: خلق التربة يوم الأحد والاثنين، والسماوات فى الثلاثاء والأربعاء، وبسط الأرض وأخرج ماءها ومرعاها، وخلق دوابها ووحشها وما فيها فى الخميس والجمعة، وخلق آدم آخر الخلق فى آخر الساعة الأخيرة من الجمعة.
وقيل: خلق التربة فى يوم الأحد، والسماوات فى الاثنين والثلاثاء، وبسط الأرض وخلق ما فيها فى الخميس، وآدم فى الجمعة وأهبطه، وجرى فى آخر ساعاتها.
وقيل: أول ما خلق بعد نور نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، القلم، ثم اللوح، وأثبت فيه ما يكون، ثم الظلمة والنور، ثم العرش ثم الكرسى من درة بيضاء، ثم التربة، ثم السماوات والنجم والشمس والقمر، ثم مد الأرض من التربة، ثم خلق ما فيها.
وذكر ثابت السرقسطى: أن الله خلق التربة يوم السبت، وذكره مكى أيضا، وفى عرائس القرآن: أن الله سبحانه خلق جوهرة خضراء أضعاف طباق السماوات والأرض، ثم نظر إليها نظر هيبة أى وجه إليها الهيبة فصارت ماء، ثم نظر إلى الماء يعنى النظر المذكور مفسراً فعلا، وارتفع منه زبد ودخان، وارتعد من خشية الله، فمن ثم يرعد الماء إلى يوم القيامة، وخلق من ذلك الدخان السماء، وخلق من ذلك الزبد الأرض، فأول ما ظهر منها على الماء أرض مكة، بسط الأرض من تحتها وفتقها سبعا، وبعث ملكا من تحت العرش فهبط إلى الأرض السابعة فوضعها على عاتقه، إحدى يديه بالمشرق والأخرى بالمغرب قابضتان على سائر الأرضين، وكانت الأرض تتكفأ على الماء كالسفينة، وأرساها بالجبال، وعن على: أنها تحركت وضجت: يا رب يعمل بنو آدم على الخطايا، وخلق الجبال وأرساها بها، وبين كل أرض وأخرى خمسمائة عام، وغلظ كل أرض كذلك.
قال عبد الله بن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"الريح مسجون فى الأرض الثانية، وخلق فى الثالثة خلقاً وجوههم وجوه بنى آدم، وأفواههم أفواه الكلاب، وأيديهم أيدى الإنسان، وأرجلهم أرجل البقر، وأذنابهم أذناب المعز، وأشعارهم كصوف الغنم، لا يعصون الله طرفة عين، لا يثابون بالجنة، نهارهم ليلنا، وليلنا نهارهم، وفى الرابعة حجارة كبريت لأهل النار تسجر بها النار، وفى الخامسة عقارب أهل النار كالبغال لها أذناب كالرماح، فى كل ذنب ثلاثمائة وستون فقرة، فى كل فقرة ثلاثمائة وستون قلة من سم، وحياتهم بكل حية ثمانية عشر ألف ناب، الناب كالنخلة العظيمة، فى أصل كل ناب ثمانية عشر ألف قلة من السم، وفى السادسة دواوين أهل النار وأعمالهم وأرواحهم وتسمى سجِّينا، وفى السابعة إبليس وجنوده وعرشه" .
وعن سلمة بن كهل: الجنة اليوم فى السماء السابعة، ويجعلها الله يوم القيامة حيث شاء، والنار فى الأرض السفلى، ويجعلها الله يوم القيامة حيث شاء، وقيل: الجنة على يمين العرش فى الآخرة، وتحته فى الدنيا فى السماء السابعة، وقيل: فى السادسة، والنار فى الدنيا تحت الأرض السابعة، وفى الآخرة عن يسار العرش، والجنة خلقت قبل النار، وقيل ستوجدان، وتوقَّف التفتازانى، وتسمى الأولى أديماً والثانية بسطا، والثالثة إفيلا، والرابعة بطيحا، والخامسة قلة، والسادسة ماكسة، والسابعة ثورى كما فى عرائس القرآن.
وذكر الثلاثى: أن تحت الأولى الريح العقيم المزمومة بسبعين زماما، المحيط بها سبعون ألف ملك، وبها أهلك الله قوم عاد، وسكانها قوم يقال لهم البرسم، وأن الثانية تسمى الحادة وفيها أضاف العذاب لأهل النار والجن المؤمنون، والثالثة تسمى هاوية وفيها عفاريت من جنود إبليس يعذبون بأصناف العذاب، والرابعة تسمى الجرباء فيها حيات كالجبال لأهل النار لكل حية أنياب كالنخلة الطويلة، لو ضربت به أعظم جبل فى الأرض لجعلته رميما، سكنها قوم يقال لهم الجاهات ليس لهم أقدام ولا عيون، والخامسة تسمى فلتا فيها حجر الكبريت لأهل النار، سكنها قوم يقال لهم الخيلة لا يعلم عددهم إلا الله، يأكل بعضهم بعضا، والسادسة تسمى سجين، سكنها قوم يقال لهم العطاكث على صورة الطير لا يعرفون الله، والسابعة تسمى العجيبة فيها إبليس وجنوده الكفار، لهم مخالب كمخالب السباع، وهم الذين يسلطون على يأجوج ومأجوج.
وإن أول الأيام يوم الأحد، وفيه خلق السماوات والأرض، ثم يوم الاثنين وخلق فيه الشمس والقمر والنجوم، ثم يوم الثلاثاء وخلق فيه دواب البحر وطيور السماء، ثم يوم الأربعاء وأجرى فيه الأنهار وأنبت فيه الأشجار، وقدر فيه الأقدار، وقسم الأرزاق، ثم يوم الخميس وفيه خلق الجنة والنار، ثم يوم الجمعة وخلق فيه آدم وروح حواء، وتم الخلق فيه قال ابن عباس: ولذلك اتخذه المسلمون عيداً ولا بطء فى خلقه الشىء ولا علاج، بل إذا حضر وقت خلق شىء خلقه فى أسرع ما يكون، ووجه الجمع بين قول بعضهم: إن الأرض خلقت فى يوم، وقوله سبحانه:
{ { خلق الأرض فى يومين } أن أصلها خلق فى يوم، والفتق والبسط فى يوم آخر وهو ضعيف، والأقرب بطلان القول بأن خلقها فى يوم، لقول الله إنه خلقها فى يومين، والمتبادر من خلقها فى يومين أنه أوجدها فى يومين.
وقيل: أول ما خلق القصب، ثم خلق منها القلم، وزعم بعضهم أن الأرض كانت تميد كالسفينة، فخلق ملكا فى نهاية العظم والقوة دخل تحتها وجعلها على منكبيه، وأخرج يداً من المشرق ويداً من المغرب، وقبض على أطرافها فأمسكها، والصواب أنه إنما أمسكها عن الميْدِ الجبال، كما أخبر الله تعالى أنه أرساها بالجبال، والأرض خلقت قبل السماء، وقيل: بعدها، ويأتى الجمع بينهما.
وقيل: خلق الأرض يوم الأحد والاثنين، والجبال يوم الثلاثاء، والأنهار والأقوات يوم الأربعاء، والسماوات والملائكة يوم الخميس، وخلق فى الساعة الأولى من الجمعة الأجل، وفى الثانية الأمة، وفى الثالثة آدم، وقيل خلق التربة يوم السبت، والجبال يوم الأحد، والخير يوم الاثنين، والمكروه يوم الثلاثاء، والنور يوم الأربعاء، والدواب يوم الخميس، وآدم بعد عصر الجمعة، والساعات النهارية ما بين العصر والمغرب.
وقيل: الأولى الرمكا تحتها الريح المذكور، والثانية جلدة وهى من حديد فيها عقارب النار، والثالثة عرفة فيها أصناف عذاب النار، والرابعة الجرباء فيها حياتها، والخامسة فلتا فيها كبريت النار، والسادسة سجين فيها دودها، والسابعة عجيبا فيها إبليس وجنوده وأرواح الفجار عند خد إبليس والله أعلم.
وهذا مروى عن المسيح عيسى، قال بعض: خلق الله قبل العرش ثلاثة أشياء: الهواء، والنور والعلم، وعن بعضهم أن فى الأرض التى تحت هذه حجارة أهل النار، وفى التى تليها الريح العقيم، وفى التى تليها حياتهم، وفى التى تليها إبليس وجنوده، وقيل: الريح العقيم فى الثانية، وفى الثالثة حجارة أهل النار، وفى الرابعة عقاربهم، وفى الخامسة حياتهم، وفى السادسة كبريتهم، وفى السابعة إبليس.
وقيل: فى الثانية الريح، وفى الثالثة حجارتهم، وفى الرابعة كبريتهم، وفى الخامسة حياتهم، وفى السادسة عقاربهم، وفى السابعة سقر، وإبليس مصفد بالحديد، يد خلفه ويد أمامه، ويطلقه الله لما شاء.
والسماوات سبع، قال وهب: كادت الأشياء أن تكون سبعة، السماوات سبع، والأرضون سبع، والبحار سبعة، والدنيا سبعة آلاف سنة، والأيام سبعة، وأبواب النار سبعة، ودركاتها سبع، وامتحن يوسف بسبع سنين حبس فيها، ورأى سبع بقرات سمان، وسبع سنبلات خضر، وسبعا يابسات، وأتى الله جل جلاله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم سبعاً من المثانى، وأمر الإنسان بالسجود على سبعة أعضاء، وخلق من سبعة
{ { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة } إلى { { الخالقين } وطعامه من سبعة { { فلينظر الإنسان إلى طعامه } إلى { { متاعا لكم ولأنعامكم } }. قال الربيع بن أنس: سماء الدنيا موج مكفوف، والثانية صخرة، والثالثة حديد، والرابعة نحاس، والخامسة فضة، والسادسة ذهب، والسابعة نور، بين كل سماء وأخرى خمسمائة سنة، وكذا غلظ كل، وذلك المشهور، وقيل: بين كل وأخرى ثلاث وسبعون سنة.
قال وهب بن منبه: الأولى سماء الدنيا، والثانية رتقا، والثالثة رفيع، والرابعة قبلون، والخامسة طبطاب، والسادسة سمساق، والسابعة قابل.
وقال الضحاك: ومقاتل: الأولى كلون الحديد المحلى اسمها الرفيع فيها ملائكة وكِّلوا بالسحاب والمطر، يقولون: سبحان ذى الملك والملكوت.
والثانية كالنحاس فيها ملائكة على ألوان يقولون: سبحان ذى العز والجبروت، وملك اسمه حبيب نصفه نار ونصفه ثلج، يقول: سبحان المؤلف بين الثلج والنار اللهم ألف بين قلوب عبادك المؤمنين.
والثالثة تسمى الماعون فيها ملائكة المنك بجناحين أو أربعة أو ستة ووجوه شتى، والسن شتى، وأصوات شتى يقولون: سبحان الدائم الذى لا يموت.
والرابعة كالفضة واسمها أريلون فيها ملائكة قيام وركوع وسجود، لا يدرى واحد منهم مَن بجنبه لشدة عبادتهم يقولون: سبوح قدوس، ربنا الرحمن الذى لا إله إلا هو.
والخامسة كالذهب واسمها الساحقون ملائكتها ركع سجد، لن يرفعوا أبصارهم إلا يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة قالوا: ربنا لم نعبدك حق عبادتك.
والسادسة فيها الكروبيون لا يحصى عددهم وهى كياقوت أحمر، واسمها عاروس.
والسابعة كدرة بيضاء تسمى الرفيع، وكل سماء ملائكتها ضعف ملائكة سماء تحتها كذلك فى عرائس القرآن وفيه ضعف من جهة الناسخ.
وقيل: الأولى من زبرجدة خضراء، والثانية من ياقوتة حمراء، والثالثة من ياقوتة صفراء، والرابعة من فضة بيضاء، والخامسة من الذهب، والسادسة من الدر، والسابعة من نور يتلألأ، وملائكة الأولى بصورة البقر، والملك الموكل عليهم إسماعيل، وملائكة الثانية بصورة النعام، والموكل عليهم ميطائيل، وملائكة الثالثة بصورة النسر، والموكل عليهم تائيل، وملائكة الرابعة بصورة الخيل، والموكل عليهم صاميائيل، وملائكة الخامسة بصور الحور العين، والموكل عليهم عنيائيل، وملائكة السادسة بصورة الولدان، والموكل عليهم ميخائيل، وملائكة السابعة بصورة الإنسان آدم، والموكل عليهم إلى العرش دردائيل.
وقيل: السماء الأولى رقيقا من زمردة خضراء، والثانية دقلون من فضة بيضاء، ملائكتها قيام، والثانية قيدوم، وقيل عينا من ياقوتة حمراء، ملائكتها راكعون ملتصقون، لو قطرت قطرة لم تجد منفذا، والرابعة عرداء، وقيل ماعونا من درة بيضاء، ملائكتها ساجدون، والخامسة دبقا، وقيل سجيون من ذهب أحمر، ملائكتها على وجوههم وبطونهم بكاءون، والسادسة فنا، وقيل عذريا، من ياقوتة صفراء ملائكتها قعود ترتعد أجسادهم، وتهتز رءوسهم لهم أصوات عالية بالتسبيح والتقديس، لو قاموا على أرجلهم لبلغت تخوم الأرض السابعة، ورءوسهم فوق السماء السابعة، ويقومون يوم القيامة، والسابعة عربيا، وقيل سمعو من نور وملائكتها قائمون على رجل واحدة تعظيما لله عز وجل، وإشفاقا من عذابه، وأرجلهم تحت الأرض السابعة بخمسمائة عام، ورءوسهم تحت العرش، يقولون: لا إله إلا الله ذو العرش المجيد والرفيع، سبحان رب الملك والملكوت، سبحان ذى القوة والجبروت، سبحان الحى الذى لا يموت، يميت الخلائق، سبوح قدوس، رب الملائكة والروح، سبوح قدوس، ربنا الأعلى، سبحان ذى الجبروت والملكوت والكبرياء، ويستغفرون للمؤمنين، ثم يعودون إلى التسبيح والتحميد.
وقيل: الأولى موج مكفوف، والثانية من مرة بيضاء، والثالثة حديد، والرابعة نحاس، والخامسة فضة، والسادسة ذهب، والسابعة ياقوتة حمراء، وقيل: ملائكة الأولى خلقوا من نار وريح، والموكل عليهم ملك يسمى الرعد، موكل بالسحاب والمطر يقول: سبحان ذى الملك والملكوت، والثانية على لون الشمس، ملائكتها يقولون: سبحان ذى العز والجبروت، وتسمى قيدوم، وفيها الملك المذكور أنه نصفه من ثلج ونصفه من نار، وأنه يقول كذا، والثالثة الماعون إلى آخرها ما مر عن عرائس القرآن.
{ ثمَّ اسْتَوى عَلَى العَرْش } الترتيب والمهلة اللذين أفادتها، ثم هما بحسب عظمة العرش وعلوه شأنا، ومسافة كما يأتى إن شاء الله، أو ثم بمعنى الواو أو للاستئناف، وذلك أن العرش مخلوق قبل السماوات والأرض، واستوى بمعنى استولى بالملك والغلبة والقوى، والتصرف فيه كيف شاء، والعرش جسم عظيم وذلك مذهبنا ومذهب المعتزلة وأبى المعالى وغيره من حذاق المتكلمين، وخص العرش بذكر الاستيلاء لعظمه، ويصح أن يكون المعنى استوى أمره ولم يكن فيه عوج، فكنى عن ذلك باستوى على العرش.
وقال سفيان الثورى: فعل فعلا فى العرش سماه استواء وأبهمه كما فعل فعلا سماه رزقا وغير ذلك، وذلك الفعل بعد خلق السماوات والأرض بمدة، فثم على أصلها وظاهرها، وبذلك قال أبو الحسن الأشعرى، وقيل: استوى بمعنى علا علو شأن، وتنزه عن الحلول، أى تعالى عن الحلول على العرش، والعرش ملكه مخلوقاته، فقيل: صفة فعل، وقيل: صفة ذات، وقيل: العرش مصدر بمعنى العلو أى أعلى العلو بمعنى أنه علا شأنه كل العلو، وأجيز أن يكون استوى لمعنى قصد، وعلى بمعنى إلى، أى قصد إلى فعل شىء فى العرش، أو استوى بمعنى كمل، وعلى بمعنى الباء أى كمل الخلق بالعرش ولو سبق خلقه كما تعد مثلا تسعة وتسعين درهما، وتقول: كملت المائة بالذى فى الكيس.
وزعم بعض أن استوى اسم لمخلوق كان فوق العرش، أو لملك موكل بالعرش كما تقول: فلان على البصرة تريد أنه والى أمرها، ويرده أن الفعل المسمى به تقطع همزته، ويجوز أن يكون المعنى علا شأنه واستقام ملكه، فذلك مجاز، فليس العرش جسما مرادا ولا شيئا موجودا، بل استعارة وكناية من سرير الملك، أى استوى ملكه بعد خلق السماوات والأرض، وتلك الأوجه كلها لا إثم فى القول بواحد منها، وأحسنها الأول والثانى والأخير، ولا يرد على مذهبنا، وهو الأول أن العرب تقول: استوى بمعنى، لأن العرب قد قالته قال الشاعر:

قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق

وليس هذا البيت مصنوعا كما زعم بعض ولا يقال، إنما يقال: استولى زيد على كذا إذا لم يكن له ثم كان، أو كان له مضاد له فيه، ثم غلبه عليه، والله سبحانه مالك للعرش من أول أمره، بل هو مالك له قبل خلقه بمعنى أنه فى قبضته إذا أراد كونه كان وبعده، ولا مضاد له تعالى، لأنا نقول: معنى استيلائه على العرش قدرته على خلقه قبل أن يخلقه، وملكه له بعد خلقه، وإمساكه عن الانتقال والفناء، فكأنه قيل: لم يتعاص العرش عن أن يخلقه، ولم يمتنع عن التصرف فيه وملكه بعد أن خلقه، وبالقول الأخير يقول القفال من أئمة الملائكة، وقال سفيان الثورى فى رواية عنه، والأوزاعى، والليث بن سعد، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، ومالك، والشافعى، وأحمد وغيرهم من سلف القوم بإبقاء الآية على ظاهرها من الاستقرار على العرش بلا تكييف، وبدون المماسة.
وأقول هذا تعام عن الطريق بعد وضوحه، وتجاهل فيما صح علمه، وإنما يقال لو لم يقبل وجها واضحا صحيحا عربيا، وأدنى وجه من تلك الأوجه أحسن من هذا الاندفاع اللبس بها عن العامة، وليس فى شىء منها هدم قاعدة شرعية، فضلا عن أن يكون فيها تجاسر عظيم كما أدلى السنوسى أن فيها تجاسراً، بل كل منها مبعد من معانى النقص وصفات الخلق، وذلك أولى من ترمى الآية مبهمة موهمة، وليس القول الأخير فراراً من كون العرش جسما، وتخطئة لمن قال به وتحرج عنه، بل هو مجرد كون العرش ليس شيئا، وأن الآية من قبيل قول العرب: تم عرش زيد بمعنى كمل له الملك، وتم أمره، ومثل ذلك فى كلام العرب كثير فصيح بليغ، ووجه التعبير بالعرش أن العرش فى اللغة ما علا، ويطلق على السرير والعلو فى الهواء أنسب بعلو الشأن، ولا يتم للملك سرير إلا إن دانت له الأقوام، وتم له الملك، وإلا فسريره كالعدم.
وليس صاحب هذا القول يتوهم أن كون العرش جسما يوجب الجلوس عليه كما يفهم من كلام بعضهم أن صاحب هذا القول يتوهم ذلك، نعم الصحيح إثبات العرش جسما لقوله سبحانه:
{ { حافِّين من حول العرش } } { { وكان عرشه على الماء } } { { ويحمل عرش ربك } } { { الذين يحملون العرش } وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنه اهتز العرش لموت سعد" والاهتزاز للأجسام إلا أن يقال: اهتز ملك الله، أى بعضه، أو الاهتزاز كناية عن التعظيم والفرح، وقوله: "أذن لى أن أحدث عن ملك من الملائكة زاوية من زوايا العرش على كاهله" وقول جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: أن فى العرش تمثال ما خلق الله فى البر والبحر قائلا إن هذا تأويل { { وإن من شىء إلا عندنا خزائنه } وما ثبت من أنه يطاف حوله، وأن بين قائمة وأخرى من قوائمه خفقان الطير المسرع ألف سنة، وأنه يكسى كل يوم سبعين ألف لون من النور، لا يستطيع مخلوق أن ينظر إليه، وأن السماوات والأرضين فى الكرسى كحلقة فى فلاة، والسماوات والأرضين والكرسى فى العرش كحلقه فى فلاة وأن له أربع قوائم كل قائمة كالسماوات والأرضين.
وفى رواية: إن العرش جوهرة خضراء بين قائمة وقائمة خفقان الطير المسرع ثمانين عاما، وأنه مخلوق قبل الكرسى بألفى عام، وفى رواية لله ملك يسمى حزقائيل بحاء مهملة فراء وبمعجمة فزاى، له ثمانية عشر ألف جناح، ما بين الجناح والجناح مسيرة خمسمائة عام، أراد أن يبلغ العرش، وأن يرى هل فوقه شىء، فقال الله له: لا تقدر، فعاد فقال كذلك، فزاد له ستة وثلاثين ألف جناح ما بين الجناح والجناح خمسمائة عام، وأوحى الله إليه أيها الطائر طر فطار مقدار عشرين ألف سنة، ولم يبلغ رأس قائمة، وزاد له مثل ما فيه من الأجنحة والقوة، فطار ذلك المقدار أيضا من حيث بلغ، وقيل ثلاثين ألف سنة، وإذا هو على حاله، وأوحى الله إليه لو طرت إلى يوم ينفخ فى الصور لم تبلغ رأس قائمة، فقال: سبحان ربى الأعلى وجعلت فى السجود، وقد أنزل الله:
{ { سبح اسم ربك الأعلى } }. وما روى عن كعب: أن العرش قال: لم يخلق الله خلقا أعظم منى، فاهتز فطوقه الله بحبة لها سبعون ألف رأس، يخرج من أفواهها كل يوم من التسبيح عدد قطر المطر، وورق الشجر، وعدد الحصى والتراب، وعدد أيام الدنيا والملائكة، فالتوت بالعرش، فكان إلى نصفها، وما فى خبر من أن للعرش ألف رأس، فى كل رأس ألف ألف وجه وستمائة ألف وجه، والوجه الواحد كألف ألف دنيا، وله ستمائة ألف لسان، وكل لسان تسبح بألف ألف لغة، وبين القائمتين ألف ألف عام، وفى خبر أن ملكا قال: يا رب أريد أن أرى العرش، فخلق له ثلاثين ألف جناح، فطار ثلاثين ألف سنة، فقال له: هل بلغت العرش؟ فقال: يا رب لم أقطع بعض عشر قائمة العرش، وأمره أن يعود إلى مكانه، وغير ذلك فما يدل على أن العرش جسم موجود، فصح أنه جسم وهو سطيح وقيل كورى، وكون الله على العرش ككونه فى الأرض، وكونه فى السماء وكونه معك حيث كنت، وذلك بالملك والعلم والحفظ.
وزعمت المشبهة أنه حالّ فى العرش مستقر فيه، فلزمهم وصفه بأجزاء وجهات، وأنه كالعرش أو دونه أو أكثر منه، تعالى الله ربنا عن ذلك، وإن لم يجعلوا للعرش حداً وغاية ونهاية لزمهم تسويته بالقديم، وتناقض قولهم فإنه يلزم من كون الشىء قابلا للحلول فيه كونه بحد، وغاية ونهاية، وذكر ابن وهب: كنا عند مالك بن أنس، فدخل رجل فقال: يا عبد الله
{ { الرحمن على العرش استوى } كما وصف نفسه، فكيف ذلك؟ فقال: كيف عن الله مدفوع، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه فأخرج.
وذكر يحيى بن يحيى: كنا عند مالك فجاء رجل فقال: يا عبد الله:
{ { الرحمن على العرش استوى } كيف استواؤه؟ فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرحضاء أى الحمى، ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعا، فأمر به أن يخرج، ففهمت جماعة من كلام مالك أنه يرى الاستواء على أصله من الاستقرار، وأنه لا يكيف لئلا يلزم تشبيهه بالخلق، وجماعة أنه يرى الاستواء على العرش صفة لله تعالى يجب الإيمان بها بدون تفسير لها، ويحتمل أن يريد بقوله: الاستواء غير مجهول، الاستواء الذى هو التنقل والصعود أو الاستقرار، يعنى أنه غير مجهول فى حق من يوصف بالتنقل والصعود أو الاستقرار، وبقوله: الكيف غير معقول نفى السؤال من ذلك، كما يدل له قوله: والسؤال عنه بدعة.
{ يُغْشى اللَّيلَ النَّهارَ } يغطيه به ويصيره غاشيا له، مضارع أغشى المتعدى لاثنين بالهمزة، وحذف عكس ذلك للعلم به أى ويغشى النهار الليل، ولأن اللفظ يحتمله بأن يجعل الليل مفعولا ثانيا هو المغشى، والنهار مفعولا أول هو الغاشى، ولو كان الأول هو الأصل لسلامته من التقديم والتأخير، لكن سهل الثانى ظهور المعنى وصحته على كل وجه، فلما كان اللفظ يحتملهما بأن يظهر منه المعنى الأول ويسوغ الثانى، اكتفى به لأنه يتراءى به كل منهما ويوافق الثانى قراءة حميد بن قيس بفتح الياء والسين، ونصب الليل ورفع النهار، فإنها نص فى أن النهار غاش لليل، وذلك فيما قال جار الله وأبو الفتح، وقال الإمام أبو عمر والدانى: قراءة حميد برفع الليل ونصب النهار، وهى توافق الأول، قيل: أبو الفتح أثبت، وقرأ عاصم فى روايته عن أبى بكر وحمزة والكسائى: يغشى بالتشديد للتعدية إلى اثنين كما عدى الهمزة إليهما فى القراءة الأولى لا للتكثير كما قال القاضى، إلا إن أراد أنه بالتشديد يصير بصيغة المشدد للتكثير، وفيها الوجهان اللذان فى القراءة الأولى.
{ يَطْلبهُ حَثيثاً } يعقبه سريعا كالطالب له، لا يفصل بينهما شىء، وتعاقبهما يحصل بحركة الفلك الأعظم وهو يتحرك فى مقدار رفع الرجل ووضعها ألف فرسخ، والجملة حال مما جعل مفعولا أول، ومن الفاعل فى قراءة حميد، وحثيثاً مفعول مطلق، أى طلبا حثيثاً، أو حال من ضمير يطلب متضمنا مع اللازم وهو سريع أو من الهاء معنى محثوثا عليه، وهذه الجملة أنسب وأوفق بقراءة حميد.
{ والشَّمسَ } معطوف على السماوات والأرض { والقَمَر والنُّجوم مسخَّراتٍ } مذللات فيما أراد منهن من طلوع وغروب وغيرهما، وهو حال من النجوم والقمر والشمس، وقرأ ابن عامر برفع الكل على الابتداء والإخبار، وقرأ إبان بن تغلب برفع النجوم ومسخرات، ونصب الباء { بأمره } أى بقضائه أو بمشيئته وتصريفه أو بقوله: كن فاعلات كذا بتشديد النون، وعلى هذا فهو ضد النهى أو أمره هو نفس الطلوع والغروب، وهو متعلق بمسخرات، وأفرد الشمس والقمر بالذكر مع عموم النجوم لهما لعظمهما وشرفهما لما فيهما من النور، ومعرفة الأوقات والليل والنهار، أو لأن النجوم لا تشملهما فى العرف، أخبر الله سبحانه بخلق ذلك وتسخيره بعد إخباره بخلق السماوات والأرض، واستوائه على العرش جميعا بين العيان الشديد الوضوح والخبر.
قال كعب: يجاء بالشمس والقمر يوم القيامة، وكأنهما ثوران عقيران فيقذفان فى النار، وذلك بمحضر عكرمة وغيره، فأخبر ابن عباس فقال له: كذب كعب، كذب كعب، كذب كعب ثلاثا، بل هذه يهودية يريد إدخالها فى الإسلام، والله أجل وأكرم أن يعذبهما مع طاعتهما وانقيادهما، قاتل الله هذا الحبر، وقبح حديثه، ما أجرأه على الله، وما أعظم فريته، ثم استرجع مراراً وذكر ما مر فى الأنعام، وما يأتى فى الإسراء، فجاء كعب وتاب وقال: إنى حدثت عن كتاب غيرته اليهود، وأنت حدثت عن كتاب لا يتغير، وعن سيد المرسلين، وأنا أحب أن تحدثنى بما ذكرت لهم، وأكتفى به، ولا أذكر من أمرهما شيئا سواه أبداً، فحدثه.
وذكر بعض: أن الله تعالى خلق الشمس من نور العرش، والقمر من نور الحجاب، وقيل: الشمس من نار وهى مثل الأرض عند أهل التعديل، وقال أهل الهند: أضعاف الأرض مائة وستين مرة أو مائتين، وهى والقمر يجريان فى بحر لو بدت منه لاحترقت الأرض ولو بدا لعبد من دون الله، وعن بعض: كل يوم يرميها بالثلج سبعة أملاك موكلون بذلك أبداً ولولا ذلك لاحترق ما أتت عليه، وهى فى السماء الرابعة وهو فى الأولى، وقيل: هما فى بحر دونها وفيهما كلام فى غير هذه الآية، والنجم أكبر من الأرض، ونوره من العرش أو من الشمس قولان، وفيه كلام فى غير هذه الآية.
{ ألاَ لَهُ } لا لغيره { الخلْقُ } الإيجاد بعد العدم أو المخلوقات { والأمرُ } ضد النهى، أو بمعنى الأمر فأل للجنس فذلك يحتمل أربعة معان: أن يكون الخلق بمعنى الإيجاد والأمر ضد النهى، وأن يكون الخلق بمعنى المخلوقات والأمر واحد الأمور والمراد الجنس، وأن يكون بمعنى الإيجاد والأمر واحد كذلك، وأن يكون الخلق بمعنى المخلوقات والأمر ضد النهى، وذكر النقاش وسفيان بن عيينة أنه: يؤخذ من هذا المعنى الأخير أن كلام الله ليس بمخلوق، لأن الله فرق بين الخلق والأمر، فمن جمع بينهما فقد كفر، يعنيان أن من جعل الأمر الذى هو كلامه من جملة ما خلقه فقد كفر، لأن المخلوق لا يقوم إلا بمخلوق مثله.
وتقول: ليس ذلك بشىء لجواز أن الأمر بمعنى كلامه من المخلوقات، وعطفه عطف خاص على عام، وما ذكره على أن المخلوق لا يقوم إلا بمخلوق مثله صحيح، لكنا ولو قلنا القرآن وكلام الله مطلقا مخلوقان لا نقول بقيامهما به تعالى، فضلا عن أن يرد علينا قيام المخلوق للقديم، فإن كلام الله ألفاظ خلقها تسمع بلا لافظ وسمعتها الملائكة، أو ألفاظ أرادها وكتبها القلم فهو فعل كالإماتة والإحياء، بل لو سلمنا ما قالوا فى الآية لزمهم تعدد القديم، وإن قالوا إنه وكلامه مجموعها إله قديم، لزمهم أن يكون ذا أجزاء، تعالى الله، والتجزىء يلزمه الحديث والتركيب والحلول، تعالى الله عن ذلك، إلا إن أرادوا بالكلام الكلام النفسى، فيرجع البحث إلى إثباته لله سبحانه، وعدم إثباته والحق عدمه، وفى الآية رد على من قال: للشمس والقمر تأثير فى العالم، فإنما يتراءى لهذا القائل أنه تأثير لهما هو خلق الله سبحانه بواسطة الحرارة مثلا، وقيل: الأمر الإرادة، وعن الشعبى الخلق عبارة عن الدنيا، والأمر عبارة عن الآخرة.
{ تَباركَ اللهُ } عظم أو كثرت خيراته، أو تنزه عن ما لا يليق، ولا مضارع له، قيل: وعلة ذلك أنه لم يوصف به غير الله، والله تبارك فى الأزل، وهو تعليل يناسب المعنى الأول والثانى، ولا يقال: مبارك ولا متبارك لأنه لم يرد فيهما التوفيق، وقيل لأبى على القالى: كيف المستقبل من تبارك؟ فقال: يتبارك، وغلطوه بأن العرب لم تقله، وليس تغليطه إنصافاً، فإنه أجاب على وفق السؤال، ولم يقل إنه ورد من كلامهم، بل أراد أن قاعدة مضارعه يتبارك، والأرجح التغليظ أيضا على السائل إن كان هو المغلط له، حيث اقتضى كلامه إثبات المضارع له، فهو يسأل عن كيفيته بعد إثباته.
{ ربُّ العَالمينَ } السيد المصلح لأمور المخلوقات كلها، المدبر لها بتحريك الأفلاك، وتسيير الكواكب، أو تكرير الأيام والليالى، وقوله: { ألا له الخلْقُ والأمر تبارك الله ربُّ العالمين } نتيجة لما قبله من خلق السماوات والأرض واستوائه على العرش، فذلكة له، فكأنه قيل فذلك اختصاص للخلق والأمر به وعظمة.