التفاسير

< >
عرض

فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ
٦٤
-الأعراف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فكذَّبوهُ فأنْجيناهُ } من الغرق { والَّذين مَعه } فى الإيمان أو فى السكنى والاتصال والموالاة، أو فى السفينة وهم آمنوا أيضا، والأول أولى، وهم أربعون رجلا وأربعون امرأة عند ابن عباس، قال: وحمل معه آدم ميتا معرضا بين الرجال والنساء، وقيل: تسعة بنوه: سام وحام ويافث وستة آمنوا به، وقال إسحاق: عشرة رجال التسعة المذكورة ونوح وأزواجهم جميعا بناء على أن لنوح زوجة مؤمنة غير الملعونة، وقال الأعمش: سبعة بنوح، والمؤمنون به سوى بنيه ثلاثة، فذلك سبعة، وقال مقاتل: اثنان وسبعون رجلا وامرأته وبنوه الثلاثة ونساؤهم، فذلك ثمانية وسبعون.
وقال قتادة: لم يكن فى السفينة إلا نوح وامرأته وبنوه الثلاثة ونساؤهم فذلك ثمانية، وامر أن لا يقرب ذكر أنثى وأصحاب حام امرأته فى السفينة، فدعا نوح ربه أن يغير نطفته فجاء بالسودان، وعن الكلبى: وثب الكلب على الكلبة فدعا عليه فجعله الله عسرا، وقيل: من كان معه أربعون رجلا، وقيل ثمانون، وعن ابن عباس: ثمانون أحدهم جرهم، وعن مقاتل اثنان وسبعون رجلا وامرأة، وليس فى ذلك خبر صحيح معتمد، فالحق أن يقتصر على أن معه قليلا كما فى آية:
{ فى الفُلكِ } السفينة متعلق بأنجينا، وإذا فسرنا المعية بالمعية فى السفينة علقناه بالاستقرار الذى تعلق به مع أو بمع لنيابته عنه، أو بمحذوف حال من الموصول، أو ضمير الاستقرار، وإن قلت: كيف يعلق بالإنجاء؟ قلت على معنى أن الإنجاء وقع فيها، أو على أن فى بمعنى الباء.
{ وأغْرقنَا الَّذينَ كذَّبُوا بآياتِنا إنَّهم } تعليل جملى أى لأنهم { كانُوا قَوماً عَمينَ } والمراد عمى القلب عن الحق من الإيمان والعمل، وقال الزجاج: عن نزول العذاب، قيل: يقال فى عمى القلب: وهى عَمِىَ بوزن فرح، ولكنه ناقص، وفى عمى أعمى، والأصل عمين، ثقلت الكسرة على الياء فحذفت هى ثم الياء للساكن بعدها، وقرىء عامين كقاضين، والأول أولى، لأن عمًى صفة مشبهة تدل على الثبات، وعاميا اسم فاعل لا يدل عليه، والأولى صفة مبالغة كذا قيل، والصواب أنها صفة مشبهة، لأنه يقال فى مطلق العمى: هو عم فلا تجىء منه صفة المبالغة على تلك الصيغة، لئلا تلتبس بغير المبالغة، وقد يقال فى الثانية: إنها صفة مشبهة كطاهر القلب.