التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ
٣٩
-المعارج

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ كَلا } ردع لهم عن طمعهم في الجنة أي ليسوا من اهلها. { إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِّمَّا يَعْلَمُونَ } وهو النطفة القذرة والعلقة والمضغة والجملة تعليل أي لا يدخلونها لانهم خلقوا من قبيح منتن لا يناسب القدس ولم يستكملوا بالايمان والطاعة ولم يتخلقوا باخلاق عالم القدس وهم الملائكة والناس كلهم مخلوقون من ذلك غير آدم وحواء وعيسى والتفاضل انما هو بالايمان والطاعة وانما ابهم لقبح ذلك ولا يقال فلم صرح في غير هذا الموضع لان هذا الموضع موضع ذم فابهم قصد الذم وتعظيما له واشعارا بان ذلك منصب يستحي منه ولا منصب اوضع منه.
واما كون المانع لهم من الجنة مجرد كونهم من نطفة فلا وجه له ومن للابتداء او للتبعيض ويجوز ان تكون للتعليل فيكون المعنى خلقناكم لما تعلمون وهو الايمان والعبادة فيهما تكمل النفس ومن لم يستكملها بذلك لم يكن له منزل الكاملين وهو الجنة ويجوز كون الجملة غير تعليلة ومن للابتداء والمراد الاستدلال بالخلق اول مرة على البعث ثانيا ردا عليهم حيث قالوا استهزاء وتكذيبا ان حق ما يقول محمد واصحابه فإنا افضل منهم هنالك كما فضلنا عليهم في الدنيا واذا انكروا البعث فلا جنة لهم وقيل: المعنى انا خلقناهم من العقل أي معه أي صورناهم عقلاء لا كالبهائم لاعلم لها او خلقناهم ليعلموا ويعقلوا لا كالبهائم وهو قريب من الوجه الثاني وبصق صلى الله عليه وسلم في كفه ووضع على البصاق اصبعه فقال
"يقول الله ما يعجزني وقد خلقتك من مثل هذا حتى اذا سويتك وعدلتك ومشيت بين بردين وجمعت ومنعت حتى اذا بلغت التراقي قلت اتصدق وآن أوان الصدقة" .
وقال صلى الله عليه وسلم "كلكم يحب الجنة؟ قالوا: نعم يا رسول الله جعلنا الله فداك قال: فاقصروا من الامل وثبتوا آجالكم بين أبصاركم واستحيوا من الله حق الحياء قالوا: يارسول الله كلنا يستحي منه قال: ليس كذلك الحياء ولكن الحياء من الله ان لا تنسوا المقابر والبلا ولا تنسوا الجوف وما وعى ولا تنسوا الرأس وما حوى، ومن يشتهي كرامة الآخرة يدع زينة الدنيا هنالك اذاً استحى العبد من الله هنالك أصاب ولاية الله" .