التفاسير

< >
عرض

وَأَنَّا مِنَّا ٱلْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا ٱلْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَـٰئِكَ تَحَرَّوْاْ رَشَداً
١٤
وَأَمَّا ٱلْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً
١٥
وَأَلَّوِ ٱسْتَقَامُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً
١٦
-الجن

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَإِنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا القَاسِطُونَ } المائلون عن طريق الهدى الإيمان والطاعة يقال فلان قاسط أى جاير اشتقاقاً من القسط بفتح القاف وقاسط أى عادل إشتقاقاً من القسط بكسرها وفعل الأول كضرب يضرب والثاني كضرب يضرب ونصر ينصر وعن سعيد بن جبير أن الحجاج قال له حين أراد قتله ما تقول فىّ قال قاسط عادل فقال القوم ما أحسن ما قال حسبوا أنه يصفه بالقسط والعدل فقال الحجاج يا جهله إنه سماني ظالماً جايراً وروى ظالماً مشركاً ولا يصح أن يريد أن الحجاج مشرك وتلا لحجاج لهم { وَأمَّا الْقَاسِطُونَ } قيل وتلا أيضاً { { ثم الذين كفروا بربهم يعدلون } { فَمَنْ أَسْلَمَ فَأوُلَئِكَ تَحَرَّوْا } قصدوا *{ رَشَدًا } هداية وتنكيره تعظيم أى رشداً عظيماً يبلغهم إلى دار الثواب وكفى بذلك وعداً لهم حيث ذكر سبب الثواب والله أعدل من أن يعاقب الجاير ولا يثيب الراشد فبطل قول بعضهم أنه لا ثواب للجن وأن فى الآية دليلا على ذلك يعني عليهم العقاب دون الثواب حيث ذكر تحريهم دون ثوابه وذكر عقباهم بقوله { وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ } المشركون { فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً } وقوداً يوم القيامة وعبر بالماضى لتحقق الوقوع وإحضار ذلك العذاب العظيم والظاهر أن قوله فمن أسلم اليّ حطباً من كلامه لا من كلام الجن ويتألمون بالنار ولو خلقوا من النار لقدرة الله على تعذيب النار ولتفات وما بين النار ولتغيرهم عن حال النار واستغنى عن ذكر ما مر تبين بقوله { فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا } أو تقدر فيه إما { وَإِنْ } مخففة وإسمها محذوف وجوبا ضمير الشان أو ضمير غير الشان محذوفا جوازا، وأوجب بعضهم الأول وعلى الثاني فالتقدير انهم وهكذا فى مثل ذلك { وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا } أى الجن والعطف على انه استمع فهو من جملة الموحي *{ عَلَى الطَّرِيقَةِ } المثلى أي لو ثبت أبوهم الجان على ما كان عليه من عبادة الله ولم يستكبر عن السجود لادم ولم يكفر وتبعه ولده على الإسلام *{ لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا } أي واسعا كثيراً وهذه كناية عن الأنعام وتوسيع الرزق لأن الماء أصل المعاش وسعة الرزق وهو عزيز الوجود بين العرب وقرئ بكسر الدال.