التفاسير

< >
عرض

عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً
٢٦
إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً
٢٧
-الجن

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ عَالِمُ الْغَيْبِ } نعت ربي مراعاة لعلمه السابق للحالي أو الاستقبالي فإن علمه مستمر وإلا لم يكن نعتا لان إضافته حينئذ لفظية أو خبر لمحذوف أي هو عالم الغيب وهو ما غاب عن العباد وقال الحسن يوم القيامة وما مضى فى السلف وقيل الوحي وقيل ما في قوله أن الله عنده علم الساعة الخ *{ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أحَداً } من الناس وكلما ظهر لمخلوق فليس من الغيب الذي استأثر الله به ولكن المراد هنا ما لم يظهر للعامة بدليل قوله { إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى } اصطفى { مِنْ رَسُولٍ } فإنه يظهره على بعض غيبه ليكون له معجزة ومن للبيان وإستدل جار الله بالآية على أبطال كرامات الأولياء لأنهم ليسوا برسل ولو كانوا مرتضين وعلى أبطال الكهانة والتنجيم لان أصحابهما ابعد شيء عن الارتضاء وأدخله في السخط ولا سيما الكاهن فإنه أشد كفراً ممن ادعى اطلاعاً على غيب من حياة أو موت أو غيرهما فقد كفر بما في القرآن وأقول كأنه أراد أن كرامات الأولياء ليست على سبيل القطع حين أخبروا غيرهم على اي حالة فإنها محتملة لأنها ظن منهم أو الهام غير متحقق إنه من الله وإذا وقع ما أخبروا به تحققناه بوقوعه ولا نجزم بأن أخباره قيل الوقوع كان جزماً لأنه لم يكن بواسطة ملك كما يكون للانبياء والا فكرامات الأولياء إنكارها رأساً مكابرة لما هو واضح كالشمس ولا نقدر أن نحصي ما ألهم الله به بعض أولياه قال صلى الله عليه وسلم "لكل أمة محدَّث ومروَّع فإن يك فيكم فعمر" أي من يلقي الحديث في روعه وهو القلب وفي رواية "لقد كان في من قبلكم من الأمم ناس محدثون من غير أن يكونوا أنبياء وأن يكن في أمتي أحد فإنه عمر" قال ابن وهب محدثون بمعنى ملهمون ودال محدث وواو مروع مفتوحان قال يخصص الله الرسل بالملك والاظهار بما يكون بغير واسطة وكرامات الأولياء على المغيبات إنما تكون تلقيا عن الملائكة كاطلاعنا على أحوال الآخرة بتوسط الأنبياء عليهم الصلاة والسلام انتهى قيل الفارق بين معجزة النبي وكرامة الولى أن المعجزة أمر خارق العادة مع عدم المعارضة مقرون بالتحدي ولا يجوز للولي أن يدعى خرق العادة مع التحدي إذ لو أدعاه لكفر من ساعته. وقد يظهر خارق على يده من غير دعواه وهذا أيضاً هو دليل على صحة نبوة النبي فإن الكرامة ممن تبعه ولو لم تصح نبوته لم يظهر الخارق على يد تابعه وليس الكاهن متابعاً للرسول *{ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ } يجعل ويسير *{ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ } اي الرسول { وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا } ملائكة يحفظوه حتى يبلغ الوحي ويحرسونه من اختلاط الشياطين واختلافهم إليه وعن الضحاك ما بعث الله نبياً إلا ومعه ملائكة يحرسونه من الشياطين ان يتشبهوا بصورة الملك قيل إذا بعث رسولا أتاه إبليس في صورة ملك يخبره فيبعث الله بين يديه ومن خلفه رصداً من الملائكة يحرسونه ويطردون الشيطان عنه فإذا جاءه شيطان في صورة ملك أخبروه بأنه شيطان وإذا جاءه ملك أخبروه بأن هذا رسول ربك ويحفظونه من أن يسترق الشياطين السمع من الملائكة فيخبروا به الكهان فيخبر الكهان به الناس قبل الرسول.