التفاسير

< >
عرض

وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً
٣
-الجن

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا } أي علا جلال ربنا وعظمته عما نسب اليه، كقول أنس كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا اي عظم وروي في أعيننا وروي ذلك عن عمر.
وقيل أمر ربنا وقيل فعله وقيل الاءه ونعماءه على خلقه وقيل ملكه وقيل ذكره وقيل سلطانه وقيل غناه من الجد الذي هو الدولة والبخت فهو غني عن الصاحبة والولد لعظمته أو سلطانه أو ملكوته أو غناه أو غير ذلك والقول الأول للجمهور والأخير للحسن والسادس لمجاهد. وهمزة أن في أنه استمع مفتوحة للنيابة عن الفاعل وفي إنا سمعنا مكسورة للحكاية بالقول ويحمل عليها البواقي فما كان من الوحي فتح وما كان من قول الجن كسرة كهمزة { إنه تعالى جدٌّ ربنا } وكلهن من قولهم الا الأخيرتين. وإن المساجد لله وإنه لما قام في بعض القراءات ومن فتح الكل فعطفا على الهاء في به كأنه قيل أمنا به وأمنا صدقنا به وصدقنا بأنه تعالى جد ربنا وبأنه كان يقول سقها وكذا الباقي فالمصدر مجرور ويجوز كونه منصوبا على معنى صدقنا أنه تعالى الخ.
وقد قرأ ابن كثير والبصريان إنه تعالى بالكسر على انه من جملة المحكي وكذا ما بعده الا قوله وإن لو استقاموا وإن المساجد وانه لما قام فإن ذلك من جملة الموحى ووافقهم نافع وأبو بكر الا في أنه لما قام فكسر على الاستئناف أو الحكاية وفتح الباقون الكل الا ما يصدر بالفاء واستشكل بعضهم العطف على هاء به لعدم إعادة الخافض وأجاب بعض علماء الجزائر بأنه وارد في النظم والنثر الصحيح وأقول لا إشكال وإنما تجب الاعادة مع غير ان، وأنّ بالفتح مع التشديد أو الإسكان اما معهما فلا تلزم الاعادة كما يحذف الجار معهما قياسا مع تقدير المصدر مجرورا وقدره بعض مفتوحا ومثلهما كي المصدرية وتعالى الموافقة المجرد في معناه وهو علا وقوي، جد ربنا بكسر الجيم اي صدقت ربوبيته ضد الهزل وقرئ جدا ربنا بنصب جدا على التمييز ورفع رب على الفاعلية وقرأ عكرمة جد ربنا بفتح الجيم وضم الدال مع التنوين ورب بدل أو خبر لمحذوف اي هو ربنا وذلك ان الجد يطلق على العظيم كما يطلق على العظمة وقرأ أبو الدرداء ذكر ربنا وروي عنه جلال ربنا *{ مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً } زوجة *{ وَلاَ وَلَداً } وصفوه بالتعالي عن الصاحبة لانه لا يحتاج اليها وعن الولد لانه ليستأنس به ويستعان به وهو منزه عن الاستئناس والاستعانة وعن كل نقص وذلك بناء على أن هذا بيان لقوله تعالى جد ربنا والا فكلام على حده وعلى كل حال فإنهم لما سمعوا القرآن ووفقوا للتوحيد والإيمان تنبهوا عن الخطاء فيما اعتقده كفرة الجن من تشبيه الله بخلقه واتخاذه الصاحبة والولد فاستعظموه ونزهوه عنه.