التفاسير

< >
عرض

وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً
٦
-الجن

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَإِنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّن الْجِنِّ } كان الرجال من العرب إذا نزل في مسيره في واد وخاف على نفسه قال أعوذ بسيل هذا الوادي من سفهاء قومه يريد كبير الجن فيحميه ويمنعه فيما قالوا وفي رواية صاح بأعلى صوته يا عزيز هذا الوادي أعوذ بك من السفهاء الذين في طاعتك وغير ذلك من الالفاظ، وإذا سمع الجن بذلك استكبروا وقالوا سدنا الانس وهذا هو الرهق في قوله *{ فَزَادُوهُمْ } اي زادوا الجن بتعوذهم { رَهَقاً } كبرا وعتوا وهو قولهم سدنا الانس والرهق الكبر والكفر والعتو وغشيان المحارم قال ابن عباس الرهق الاثم وقيل الطغيان وقيل الغي وقيل الشر وقيل العظمة وهي التكبر، وخرج ابن ابي السائب الانصاري وأبى إلى المدينة في حاجة أول ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قال فاوانا المبيت الى راعي غنم فلما انتصف الليل جاء ذيب فأخذ جملا من الغنم فوثب الراعي وقال يا عامر الوادي جارك فنادى مناد ولم نره يا رصان ارسله فجاء الجمل يشتد حتى دخل الغنم فأنزل الله على رسوله بمكة، وإنه كان رجال من الإنس يعوذوون برجال من الجن فزادوهم رهقا وعن سعيد بن جبير أن رجلا من بني تميم يقال له رافع بن عمير قال إني لأسير برمل عالخ ذات يوم إذ فجأني النوم فقلت بعظيم هذا الوادي من أذى الجن فرأيت في منامي رجلا شابا بيده حربة يريد أن يضعها في نحرنا فتى فانتبهت مذعورا ونظرت فلم أر شيئا ثم غفوت فرأيت مثل رؤياي الأولى فانتبهت مذعوراً ورأيت ناقتي تضطرب وإذا برجل شاب كالذي رأيت في المنام بيده حربة ورجل شيخ يمسك يده يردعه عنها وهو يقول:

يا مالك بن مهلل بن دثار مهلا فذلك ميزري وإزاري
عن ناقة الانس لا تعرض لها واختر بها ما شئت من أثواري
فلقد بدا لي منك مالم احتسب ألا رعيت قرابتي وذماري
تسموا اليها بحربة مسمومة تبعا لفعلك يا ابا العيار

فقال الشاب

اردت ان تسموا وتحفظ قدرنا في غر موجبة ابا الغيزاري
ما كان منكم سيد فيما مضى إن الخيار هم بنوا الأخيار

قال فبينما هم كذلك إذ طلعت أثوار من الوحش فقال الشيخ للفتى خذ يا ابن أخي ايها شئت فداء لناقة الانس فأخذ ثورا فانصرف ثم التفت إلى الشيخ وقال يا هذا إذا نزلت واديا فخفت هوله فقل أعوذ بالله رب محمد صلى الله عليه وسلم من هول هذا الوادي ولا تعذ بأحد من الجن فقد بطل أمرها قلت مَنْ محمد؟ قال نبي عربي لا شرقي ولا غربي بعث يوم الاثنين قلت أين مسكنه؟ قال يثرب ذات النخل فركبت راحلتي حتى لحقت بالمدينة فرأني النبي صلّى الله عليه وسلم فحدثني بحديثي قبل أن أحدثه فأسلمت قال ابن جبير كنا نرى أنه الذي نزل فيه وإنه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا، ويجوز عود الواو للجن والهاء للإنس اي فزاد الجن الإنس غيا بان أضلوهم حتى استعاذوا بهم وعن قتادة كانت الجن تحتقر بني آدم لما ترى من جهلهم فكانوا يزيدونهم مخافة ويتعرضون للتخيل لهم ويغوونهم في إرادتهم فهذا هو الرهق فأعاد الواو للجن والأول لمجاهد وغيره.