التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ
١
-المدثر

هميان الزاد إلى دار المعاد

بسم الله الرحمن الرحيم
{ يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ } لابس الدثار وهو ما فوق الشعار وهو الثوب الذي يلي الجسد سمي لقوله لما جاءه الوحي دثروني وقيل المراد دثار النبوة والرسالة تجوزا قال صلى الله عليه وسلم الأنصار شعار والناس دثار وعن عكرمة يا أيها المتحمل نقل الرسالة فقم بها والأصل المتدثر ابدلت التاء دالا وأدغمت الدال في الدال وقرأ عكرمة بفتح الثاء على أنه اسم مفعول من دثره فالدال غير مشددة عنده قال جابر بن عبد الله وغيره أول ما نزل { يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ } حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاورت بحراء عشراً فلما قضيت جواري هبطت فنوديت يا محمد فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ونظرت خلفي فلم أر شيئا فرفعت رأسي فرأيت شيئا فأتيت خديجة فقلت دثروني فدثروني وصبوا عليّ الماء البارد فنزلت { يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ } الخ وروي أنه نودي وهو على حراء يا محمد انك رسول الله وفي رواية عائشة فنظرت فوقي فإذا به قاعد على عرش بين السماء والأرض يعني الملك الذي ناداه فرعبت ورجعت الى خديجة فقلت دثروني دثروني فنزل { يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ } والعرش الكرسي وذلك الملك جبريل وفي رواية أنه ناداه في الوادي بعد الهبوط وفي رواية بينما أمشي سمعت صوتا فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءنى بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت وأخذتني رجفة شديدة فقلت زملوني زملوني فدثروني فنزل { يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ } والصحيح أن أول ما نزل سورة
{ { اقرأ باسم ربك } وعليه الجمهور قال الزهري أول ما نزلت سورة { إقرأ باسم ربك } إلى قوله { ما لم يعلم } فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يعلو شواهق الجبال فناداه جبريل إنك نبي الله فرجع الى خديجة وقال دثروني وصبوا عليّ ماء باردا فنزل { يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ } والجمع بين القولين أن أول ما نزل على الإطلاق اقرأ وأول ما نزل بعد فترة الوحي المدثر.
وقيل سمع من قريش ما كرهه فاغتم فتغطى بثوبه مفكراً كما يفعل المغموم فأمر أن لا يدع إنذارهم وأن سمعون وأذوه وقيل كان نائماً متدثراً.