التفاسير

< >
عرض

وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ
٢
أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ
٣
بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ
٤
-القيامة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ } النفس المتقية التي يكثر أو يعظم لومها يوم القيامة لمن قصر في التقوى على تقصيره. وعن الحسن ان المراد نفس المؤمن فإنه يلوم نفسه ماذا أردت بأكلي وماذا أردت بحديث نفسي ولم عملت كذا ولم تركت كذا، والكافر لا يعاقب نفسه ولا يحاسبها وعن بعضهم هي النفس الشريفة لا تزال تلوم نفسها وإن اجتهدت بالطاعة وتلك النفس ممدوحة على تلك الاقوال وقيل النفس التي تلوم على الخير والشر ولا تصبر على السراء والضراء تتلوم وقيل التي تتلوم على الخير والشر وتندم على ما فات، وقيل نفس آدم عليه السلام فإنها لم تزل تلوم على ما خرجت له من الجنة ففي ذلك توبيخ وكذا على القول بأن المراد الجنس. روي عنه صلى الله عليه وسلم ليس من نفس برة ولا فاجرة الا وتلوم نفسها يوم القيامة ان عملت خيراً قالت كيف لم ازدد وإن عملت شرا قالت يا ليتني كنت قصرت، وقيل المراد النفس الشقية قاله ابن عباس وقتادة قال بعضهم { { لا أقسم بيوم القيامة } تعظيما له ولا أقسم بالنفس الفاجرة تحقيراً لها، وقال بعضهم كل نفس متوسطة ليست بالمطمئنة ولا بالامارة بالسوء فإنها لوامة في الطرفين مرة تلوم على ترك الطاعة ومرة على فوت ما تشتهي فإذا اطمأنت خلصت وصفت، وجواب القسم محذوف أي لتبعثن دل عليه قوله *{ أََيَحْسَبُ الإِنْسَانُ } اراد الجنس واسناد الفعل للجنس لان فيهم من يحسب وقيل جنس الكافر للبعث وقيل عدي بن ربيعة وهو الذي نزلت فيه الآية سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر القيامة فاخبره به فقال لو عاينت هذا اليوم لم اصدقك او يجمع الله هذه العظام وهو ختن الاخنس ابن شريق وهما اللذان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما اللهم اكفني جاري السوء وهو حليف بني زهرة. وان قلت إذا كان الجواب لتبعثن لزم كون المقسم به والمقسم عليه هو يوم القيامة فيكون المعنى انه اقسم بيوم القيامة على وقوع يوم القيامة قلت مثل هذا جائز على جهة التاكيد وقلب انكار المنكر فانهم انكروا القيامة وحلف بها اثباتا لها واجاب بوقوعها او المراد بيوم القيامة وقت انقضاء الدنيا وموت الناس، وزعم بعضهم عن المحققين عن القسم بهذه الأشياء قسم بربها في الحقيقة *{ أَنْ لَّنْ } ان المخففة ولن النافية *{ نَجْمَعَ عِظَامَهُ } بعد تفريقها وكونها رميما نسفتها الرياح، أي أيحسب ان لا نقدر على ذلك مع انا ابدأناها، وقيل المراد بالعظام جميع الجسد ولكن خص العظام لانها بعض ولانها قالب لا يستوي الخلق الا باستوائها، والبناء انما يكون عليها وقيل جرى على قول المكذب من يحيي العظام وهي رميم وقرأ قتادة بالمثناة الفوقية والبناء للمفعول ورفع العظام وزعم بعضهم ان الجواب قوله { بَلَى } اي لسنا لا نجمع بل نجمعها *{ قَادِرِينَ } حال لمحذوف كما رايته اي قادرين مع جمعها *{ عَلَى أَنْ نُسَوِّي } اي نعيد *{ بَنَانَهُ } اي أصابعه التي في يده ورجله أي عظامها كما كانت مع صغرها فكيف بالعظام الكبيرة وهذه مجازاة للانسان لقلة علمه والا فالصغير والكبير عند الله سواء أو المراد اطراف البنان فكيف بغيرها وقيل المراد أصابع الرجل لصغرها ما خلا الابهام وهو واضح ويجوز ان يكون ذكر البناء إشارة الى اتمام خلقه حتى البنان التي هي أطراف وآخر ما يتم به خلقه وقيل جمع بنانه جعلها كلها مجموعة شيئا واحداً كالكف أو جعل بنانه كل واحدة بلا مفصل فلا يمكنه البسط والقبض والثني لما يريد من الحوائج وقرئ قادرون بالرفع اي نحن قادرون وتفسير الجمع بجمع الفاني والمتشتت وهو الاول اولى لمطابقته للبعث والتفسير بجمعها كالكف أو جعلها بلا مفاصل منسوب للجمهور.